صلاح سعيد أمين
ربما يكون مصطلح (الإرهاب) من أكثر المصطلحات الشائعة
والمتداولة اليوم، وعلى كل المستويات، والكل يريد أن ينأى بنفسه عن (الإرهاب)، سواء
أكان متهماً به، أو ممارساً له. وعالم اليوم يعاني كثيراً من (الإرهاب) وتداعياته الخطيرة،
حيث أصبح شغله الشاغل، ويحاول (الكل) أيضاً أن يعالج مرض (الإرهاب)، وأن يجد له علاجاً
شافياً كافياً.
لكن يخطئ (الكل)، شاء أم أبى، قصداً أو عن غير قصد،
في محاولته كبح جماح (الإرهاب)، والقضاء عليه. ومن الواضح أن الأخطر من (الإرهاب) نفسه،
هو عدم وجود تعريف جامع مانع شامل له على
المستوى الدولي والإقليمي، وحتى في داخل الدول
نفسها، بشكل يحدد مشخصاته، ويميزه عن النضال والكفاح المشروع، الذي تعترف به وتعرفه
كل القوانين السماوية والوضعية، والذي كفلته للجميع كل الدساتير، وفي كل بلدان العالم.
نحن بحاجة
ماسة - وخصوصاً في وضعنا الراهن، وقبل أن نفتح قائمة جديدة، وندرج فيها كل من لا نحب
أن نرى وجهه، وكل من لا نقبل فكره وطريقته في الحياة - إلى أن نجتمع على طاولة واحدة،
وأن لا نتركها حتى نضع تعريفاً جامعاً شاملاً لهذه الظاهرة، ونخرجها من أزمة الهوية.
وبالتالي فإن المعركة الحاسمة للإرهاب تكمن هنا، وتنتهي من هنا، وليس بتشكيل التحالفات،
والضربات الجوية، وتحشيد البشر.
اليوم، من
يملك القوة ويسيطر على الآخر (عالمياً، إقليمياً، داخلياً)، هو الذي يحدد هوية (الإرهاب)
ويلصقها بالآخرين، وبالتالي يزج بمن لا يروقون له في غياهب السجون، ويفرض عليهم أحكاماً
قاسية غير متوقعة من أحد..
إن التاريخ
لا يرحم، وإن الضمائر الحية لا تُخدع، ولذلك فمن واجب المؤسسات الدولية المعنية، أن
تحاول محاولة جدية لرسم صورة للإرهاب، وأن تمنحه هويته، بغية أن لا تختلط الملفات،
وأن لا يستغل (الإرهاب) من قبل (الأقوياء)، لكي يمارسوا قتل البشر والحجر، تحت ذريعة
(الإرهاب)، من دون أن يستطيع أحد أن يقول لهم: كفى!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق