متابعة وإعداد: المحرر السيسي
بعد بروز
(داعش) على مسرح الأحداث في سوريا والعراق، وشنه عدواناً على إقليم كوردستان، تحركت
الأوساط الإسلامية - أحزاباً وهيئات - إلى جانب المؤسسات الفقهية والأكاديمية الكوردية،
للوقوف بوجه تصورات التنظيم المتشدد، وتفنيد حججه ودحض طروحاته، بالتزامن مع المواجهة
الميدانية التي تخوضها قوات البيشمركة في عدة جبهات عسكرية. ونظمت العديد منالندوات
الإسلامية والملتقيات الفكرية في محافظات الإقليم، لتحصين المجتمع الكوردي من الفكر
المتطرف، وتعبئته للتصدي لمخاطره.
ونظَّم الندوة
(اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان)، بالتعاون مع (كلية العلوم الإسلامية) بـ(جامعة
صلاح الدين).
وشارك في
الندوة مجموعة من الأكاديميين والمفكرين والمختصين في الفكر الإسلامي من إقليم كوردستان،
وتركيا، وبعض الدول العربية.
وأكد المشاركون
في الندوة أن التطرف الديني تصاعدت وتيرته في المنطقة، جراء ظهور جماعات متطرفة، تسعى
لتأسيس ما تسميها (دولة الخلافة) عابرة للحدود، لتطبيق نظرتها المتشددة للشريعة على
المجتمع.
وفي مستهل
الندوة، قال رئيس (اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان) الشيخ (عبدالله ملا سعيد):
إن الندوة تهدف لدراسة التطرف الديني، وظهوره في كوردستان والعراق، وبين أنَّ الندوة
تركز على موضوع: هل أنَّ للتطرف الديني جذور في المجتمع الإسلامي، أم أنه ظاهرة دخيلة
عليه؟ فضلاً عن تصحيح الفهم الخاطئ لدى البعض، الذين يقولون إن الأصل في الإسلام الحرب،
وليس السلم.
وأشار إلى
أن: "كوردستان بشكل عام تتجه نحو الوسطية، ولكن حدثت ظواهر من هناك وهناك، والتحق
بعض الشباب الكورد بالجماعات المتطرفة، ولهذا رأينا أن نبحث عن الحلول، ونقطع الطريق
أمامهم، بتوضيح ما فهموه بشكل خاطئ".
وتضمنت الندوة
جلستين، تناولت الأولى، التي ترأسها الدكتور (بشير خليل الحداد)، تقديم ثلاثة بحوث
تحت عنوان (بناء الإنسان أصل بناء العمران) للباحث (نوزاد صواش) من (تركيا)، و(جدلية
العلاقة بين النص والواقع في نصوص الشريعة) للباحث (عبدالرحمن صديق)، و(الآخر في الثقافة
الإسلامية) للدكتور الشيخ (عثمان محمد حلبجيي).
وفي الجلسة
الثانية، التي ترأسها الدكتور (أحمد الشافعي)، قدَّم الدكتور (جمال السفراتي)، من
(الأردن)، بحثاً بعنوان (دور المؤسسات الدينية والتربوية في مواجهة الفكر المتطرف)،
كما قدم الدكتور (جه تو هرمزياري) بحثاً بعنوان
(الفكر التطرفي دخيل على المجتمع الكوردي).
وأشار الأكاديمي
(جمال السفراتي)، الذي قدم ورقة عمل عن دور المؤسسات الدينية والتربوية في معالجة الفكر
المتطرف، إلى جملة أسباب حول ظهور التطرف الديني في المنطقة العربية، وأوضحها بالقول:
"هذا يتحمل مسؤوليته أطراف كثيرة، لأنَّ هناك أسباباً سياسية عميقة وأسباباً خارجية
عميقة وأسباباً داخلية عميقة، وأنا أتحدث عن أسباب داخلية، إنه ليس عجز العلماء، ولكن
بطريقة معينة بإرداتهم، أو بغير إرادتهم، أُشغلوا بتوافه الأمور. والآن فإن أهم شيء
لدينا، وهو مسؤولية كل عالم، وكل مفكر: هو إعادة بناء الإنسان، وخاصة في العالم العربي.
والمسؤولية يتحملها بالدرجة الأولى العلماء والحكام، وبالدرجة الثانية بقية الناس،
وخاصة المثقفين منهم".
بينما أشار
الدكتور (عثمان محمد حلبجيي) إلى أن التكفير دمر الخلافة، وقتل الخليفة (علي بن أبي
طالب)، مؤكداً أن التكفير إذا حل بمكان تبعه التفجير والقتل، وهدّم الدول التي حل بها.
وأكد أن الأصل عند الفكر المتطرف التكفير، بينما الأصل في الإسلام الرحمة والتسامح،
ولا بد أن يعرف ذلك كل العاملين في مجال الدعوة، كي يتمكنوا من مواجهته. وتابع بالقول:
"إن القتل أصبح وظيفة (داعش)، وأصبحت تكفر الجيوش العربية، بطريقة لم يعرفها الفقه
الإسلامي من قبل، فهم يقتلون الشخص على أساس هويته".
وأكد الدكتور
(جتو هرمزياري) أنَّ المجتمع الكوردي بعيد كل البعد عن الفكر التطرفي، وأنَ هذا الفكر دخيل على المجتمع الكوردي، الذي تمتع
منذ القدم بروح الوسطية والاعتدال والتسامح وقبول الآخر، وعلى علماء الدين الإسلامي
إبراز هذه الخصال الحميدة في المساجد وخطب الجمعة، وتربية الجيل الجديد على هذا الفكر
الوسطي المعتدل.
وأجمع الباحثون
في بحوثهم على أهمية مثل هذه الندوات، وبالأخص في مثل هذه الظروف الراهنة، وأكدوا على
أهمية الكشف عن دور المؤسسات الدينية في مواجهة الفكر التطرفي، وأكدوا أنَّ الإرهاب
دخيل على المجتمع الكوردي، مشيرين إلى أن مثل هذه
الندوات تهدف الى إظهار أن الأصل في الإسلام السلم، لأنَّ الكثيرين فهموا الواقع
الاسلامي فهماً خاطئا، باعتبار أنَّ الأصل في الإسلام الحرب وليس السلم.
وانتهت الندوة
بمداخلات العديد من الحضور، خاصة المشاركين من طلبة كلية العلوم الإسلامية، وبعض أساتذة
ومحاضري الكلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق