كلّنا، دون استثناء، مشاركون وفاعلون في ما يحدث من حولنا، وبالتأكيد نحن نجلس
في الغرف المغلقة التي تصنع فيها قرارات الحرب، والفساد، وإعدام الدعاة، وسلب ونهب
ثروات المجتمع، وقتل الأبرياء، وسجن الشرفاء، وتكميم أفواه النشطاء.
كلنا مساهمون في الانقلابات
التي تحصد الشرعية، وتهيئ الأرضية لظهور وجهاء القبح، الذين فرضوا أنفسهم على
العباد والبلاد، يعدّلون الدساتير حسب أهوائهم، من أجل إحكام قبضتهم على الرئاسة
مدى الحياة!
صمتنا وانحيازنا إزاء
ما يحدث في مجتمعنا، وفي منطقتنا، صار نقطة تلتقي فيها مصائبنا ومآسينا في الدنيا
وفي الآخرة أيضاً؛ إن لم يرحمنا ربّنا العزيز الجبار.
إن الأديان، والعلوم
الإنسانية، وتجارب التاريخ، تعلّمنا أن الصمت حيال جريمة صغيرة، سيشجع مرتكبها إلى
المزيد من الجرائم والإفساد في الأرض.
شخصيات من أمثال
هؤلاء الذين ارتكبوا مجازر بحقّ الإنسانية، ونعرفهم جيّداً، ابتداءً من بلادنا،
مروراً بالمنطقة، وانتهاءً بالعالم، لم يولدوا صدفة، ولم يهبطوا من السماء، بل في
البداية رفعوا راية الخدمة، ومحاربة الفساد، وتأمين الرفاهية للمجتمع.
لكنهم عندما أدركوا
مواقفنا الهشة تجاه تصرّفاتهم وسلوكياتهم المتناقضة، مع ما ادّعوا في بدايات
وصولهم إلى الحكم، سلكوا طريقهم مسـرورين نحو الدكتاتورية، وقمع الشعوب.
إنسانيتنا قبل أيّ
شيء تطلب منّا أن نكون في مستوى المسؤولية، وأن لا نقبل بما حدث ويحدث من حولنا.
وقد رأينا كيف أطاحت بعض الشعوب برؤسائها، الذين أصبحوا أعباء ثقيلة، ليس فقط
للأجيال التي حكموها بل للأجيال القادمة أيضاً.
حينما نشـر نشطاء
دعوات للتظاهر في المنصّات الاجتماعية، وحشد الناس في ساحات التحرير، ومن ثم
قالوا: "هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية"، كانوا قد صنعوا التاريخ..
ولم يجد هؤلاء الرؤساء بدّاً من الهروب، واللجوء إلى خارج بلدانهم، عندما شعروا أن
شعوبهم كسرت جدار الصمت، ولجأت إلى الشوارع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق