زيرفان سليمان البرواري
ان ما يحدث في سوريا ليس مجرد رد فعل يقوم به نظام اقترب من لحده، فالمذبحة اليومية التي يتعرض لها الشعب السوري تعبر عن عمق الكراهية التي تحملها عصابات الشر من المأجورين ضد المدنيين والعزل؛ بل وتعبر عن عمق ايدولوجي ومذهبي وراء عمليات القتل الجماعية،....
إن المال لا يمكن ان يجرد الانسان من انسانيته بالشكل الذي نراه اليوم في سوريا، بل لا بد من وجود معتقد ومبدأ وراء الأحداث السورية، هناك الكثير من العوامل التي ساهمت وتساهم في استمرار الهمجية البعثية ويمكننا تقسيم تلك العوامل إلى قسمين :
تحكم سوريا عائلة منذ عشرات السنين تمتد جذورها المذهبية إلى الطائفة العلوية (و هي طائفة من الشيعة. لهم نفس تسلسل الأئمة الإثنا عشر وقد افترقوا عن الاثنا عشرية ما بعد الإمام الحادي عشر الحسن العسكري، وكان الاختلاف في المرجعية والزعامة وأمور أخرى، يترواح عدد السكان العلوين في سوريا حوالي 12% او اقل من اجمالي عدد السكان في سوريا) وهو معتقد يختلف عن معتقد ومذهب غالبية الشعب السوري الذين هم من اهل السنه، اذن هناك حالة من عدم التوازن في المعادلة السورية، والتفاوت الطبقي وحكم الاقلية هي السائدة في سوريا منذ عام 1970، وهنا لابد من تحليل العامل المحلي من خلال استغلال عامل المذهبية؛ صحيح ان ايدولوجية البعث ايدولوجية قومية علمانية، إلا ان الاسد استفاد من المذهبية في دعم ركائز حكمه المستبد من خلال احتكار السلطة والمراكز الحساسة بيد الفئة العلوية.
أما البعد الاقليمي فقد استفاد النظام البعثي السوري من الثورة الايرانية عام 1979 ونظرا لكون أنصار الثورة من دعاة ولاية الفقيه حاول النظام السوري استغلال المذهب للتقارب مع طهران ووضع استراتيجية للتحالف على هذا الاساس، وساهمت الحرب الايرانية -العراقية في تنمية العلاقات بين طهران والاسد لوجود خلافات بين بغداد ودمشق حينها، بذلك يبدوا واضحا أن الأيديولوجية هي العامل الذي قامت على أساسه العلاقات السورية –الإيرانية وهو ما يخدم نجل الطاغية حافظ الاسد في الوقت الراهن.
ثانيا: العامل الدولي
وهو مقسم الى محورين : المحور الاول يضم كل من الصين وروسيا وايران. والمحور الثاني يضم المحور الامريكي ، الاوربي العربي، فالمحور الاول يحاول جاهدا التحرر من العزلة الدولية خاصة بعد الحسم العسكري في الملف الليبي والتقارب بين الغرب والانظمة العربية الجديدة، لذا يحاول الصين والروس الحصول على ضمانات قبل السماح للامريكيان والاوربين من التوجه نحو حلول عسكرية على غرار الحالة الليبية.
في المحور الثاني نلحظ لعب وتسابق دولي حول مستقبل الخريطة السياسية في الشرق الاوسط، لان دمشق تعد احدى القلاع المهمة للتوجه الايراني؛ وسقوط نظام بشار سيؤثر على مجمل المعطيات السياسية القائمة، إلا ان التردد التي يشهده المحور الثاني لا يخدم مصالح الشعب السوري الجريح حيث تجري ضده عمليات الجينوسايد، ولابد هنا من إدخال العنصر الانساني في الحسابات والاجندة الدولية، لان السياسة الدولية قائمة على اساس المصالح؛ ولكن هذا لا يمنع البعد الاخلاقي والمسؤوليات الدولية للمجتمع الدولي، ان التنافس بين المحورين والمجاملات السياسية بين القوى العظمى اثرت سلبا على الشعب السوري حيث يستمر الطاغية في قتل المدنيين.
اخيرا اريد ان اشير الى نقاط محورية في الحالة السورية:
أولا -هناك جماعات مذهبية تقوم بالقتل والنهب بهدف عقائدي، وان تحرير سوريا سيكشف عن تلك الجماعات الارهابية والجهات التي تمول النظام البعثي في سوريا.
ثانيا-هناك حالة من التصفيات الدولية على حساب الدم السوري وارواح الاطفال وهذا يعبر عن غياب الاخلاق في السياسات الدولية.
ثالثا- إن بشار وزمرته الخبيثة ادركو ان لا مفر من حساب الشعب لذا يقلدون رفيق دربهم القذافي في ممارسة سياسة الارض المحروقة.
رابعا- التعامل الدولي مع بشار فيه الكثير من الازدواجية لاننا في القانون الدولي الانساني نتعامل مع القادة الذين يقتلون المدنيين والعزل كونهم مجرمي حرب لذا على الامم المتحدة التعامل مع بشار كمجرم حرب لا أكثر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق