16‏/08‏/2012

العنف ضد المرأة

خديجة عبدالخالق 
العنف ضد المرأة من المظاهر العالمية المعاصرة، فالأرقام والأبحاث التي أجريت في هذا المجال تثبت أن الظاهرة أصبحت خطيرة ومستهجنة، إذ تتعرض نسبة كبيرة من النساء لعنف كبير من قبل الرجل، سواء كان زوجا أو أبا أو أخا أو أحد الأقارب. تشير الاحصائيات والأرقام إلى أن 
52% من النساء الفلسطينيات تعرضن للضرب على الأقل مرة واحدة في العام 2000. 
47% من النساء يتعرضن للضرب في الأردن بصورة دائمة. 
91% من النساء الأمريكيات يتعرضن للعنف الجسدي من قبل أزواجهن، 
95% من ضحايا العنف في فرنسا من النساء.
60% من الرجال في كندا يمارسون العنف.
8 نساء من عشر ضحايا العنف في الهند. 
المشافي الجزائرية تستقبل كل عام آلاف النساء من ضحايا العنف. 
90% من النساء في انجلترا تركن بيوتهن هربا من العنف الجسدي الموجه نحوهن و26% منهن هربن خوفا من العنف ضد أطفالهم.

تعريف العنف ضد المرأة
هو سلوك موجه ضد المرأة يقوم على القوة والشدة والإكراه؛ ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والاضطهاد والقهر ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمــرأة في المجتمع والأسرة، ويتخذ اشكالاً عديدة؛ وهي اعمال تلحق الاساءة او الاذى بدنياً او جنسياً أو نفسيا.
تجدر الاشارة الى ان العنف ممارسة قديمة ومتوارثة بين الاجيال توجد في جميع الطبقات وعلى جميع المستويـات رغم تباين واختلاف الديانات والثقافات في النظر اليه.
ويمكن تصنيف أي ممارسة ينتج عنها اذى جسماني ونفسي بالعنف، ويشمل ذلك التهديد او الفعل، وهــو يولد الحرمان ويشمل المنع من المشاركة وحق السيطرة او التملك واتخاذ القـــــــــرار الفردي، وهو اظهار اسلوب القوة والسيطرة عن طريق وسيلة آلية وعضوية لإحداث أذى جسدي او اساليب لفظية او طريقة معاملة تؤدي الى علامة تسيء للفرد وتذله.

أساليب العنف
الضرب – الإساءة – الأذى الجسماني – الحرمان – الاستضعاف – التخويف – الذل – الاغتصاب – الهجر – الطلاق الجائر – التعدد مع عدم العدل – الإرغام على الزواج – الحرمان من الدراسة أو العمل – الأساليب الخاطئة للعلاقات الجنسية – الاتجار بالمرأة .

أنماط العنف
1-العنف الاسري الناجم عن التوظيف السيئ للقوة تجاه الاضعف .
2-العنف الاجتماعي الناجم عن النظرة القاصرة للمرأة كوجود ودور ووظيفة، والتعصب لبعض الطروحات التي تحط من قيمة المرأة.
3-العنف السياسي الناجم عن النظرة الدونية للمرأة كإنسانة مع حرمانها مـن مكانتها الوطنية ضمن الدولة وحرية التعبير والمناصب والانتخابات.

اسباب العنف
1-الضغوط الاقتصادية والعملية والاجتماعية والسياسية.
2-قلة التدين والالتزام .
3-البطالة و تعاطي الخمور .
4-البيئة التي يتربى فيها الفرد والنظرة القيمية الخاطئة التي لا ترى المرأة مؤهلة.
5-دافع الخوف من العار والشذوذ .
6-دافع السيطرة والغيرة والتملك.
7-دافع الشعور بالضعف وعدم الكفاءة.
8-التخلف الثقافي العام .
9-التوظيف السيئ للسلطة .
10-ضعف المرأة في المطالبة بحقوقها الانسانية والوطنية.
11-تداعيات الحروب الكارثية وما تخلفه من ثقافة للعنف .
12-الآثار السلبية للتدهور التعليمي والتربوي .

آثار ونتائج العنف 
أ- على المرأة
1-تدمير آدمية المرأة وإنسانيتها .
2-فقدان الثقة والقدرات الذاتية كإنسانة .
3-التدهور العام في الدور والوظيفة الاجتماعية .
4-عدم الشعور بالأمان اللازم للحياة والإبداع .
5-عدم القدرة على تربية الاطفال بشكل سليم.
6- شيوع البغض بين الرجل والمرأة والتأزم في بناء الحياة.
7-كره الزواج وفشل المؤسسة الزوجية وانتشار الطلاق – وتفكك الاسرة .
ب- على الاطفال
1-تدهور الصحة العامة وخصوصا النفسية لدى الاطفال.
2-الحرمان من النوم وفقدان التركيز والخوف والغضب والقلق وعدم الثقة .
3-عدم احترام الذات وفقدان الاحساس بالطفولة .
4-الاكتئاب والعزلة وعدم التواصل مع الاخرين .
5-تبني سلوك العنف ضد الآخر.

التصدي للعنف
على اجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني العمل على:
1-خلق انسان نوعي قادر على الانتاج والتعايش .
2-توعية نسوية .
3-للنخب الدينية والفكرية والسياسية الواعية اهمية حاسمة في صناعة الحياة .
4-عدم استخدام الاعلام للدعاية والاعلان السلبي.
5-العدل بين الرجل والمرأة.

حكم الإسلام في العنف
من الامور الثابتة أن رسول الاسلام صلى الله عليه وسلم، وهو قدوة المسلمين، لم يضرب امرأة ولا طفلا؛ بل ولا حيوانا قط، وفي حديث رواه النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه ما ضرب امرأة له ولا خادما قط ولا ضرب بيده شيئا قط، إلا في سبيل الله أو إذا انتهكت حرمات الله فينتقم لله.
الإسلام جاء لرفع الظلم عن الإنسان رجلا كان أو امرأة، والعنف الذي يمارس على المرأة ظلم كبير، ومن تمام عدله سبحانه وتعالى فقد سن أن المظلوم يقتص من ظالمه إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة . وهناك أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، دالة على أن الإسلام جاء ليحافظ على المرأة ويدفع عنها كل ظلم، فقد قال صلى الله عليه وسلم : (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم) فأين نحن من هذه الرؤية الراقية التي تربط حسن الإيمان وكماله بحسن معاملة الزوجة، وأنه لن يصل رجل لمرتبة الكمال والشرف وهو يعنف زوجته ويهينها، أي دين وأي حضارة أعطت للزوجة هذه المكانة، كأن رضا الله مقرون بحسن معاملة الزوجة، ولم لا وهي الأمانة التي استؤمن عليها يوم وضع يده في يد وليها.
وفي خطبة الوداع أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمرأة، أمّاً كانت أو زوجة أو بنتا أو أختا.. فقال: (استوصوا بالنساء خيرا)، وهي الخطبة الجامعة التي حوت خلاصة التوجيهات النبوية للأمة، ويستهجن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعامل الرجل زوجته معاملة العبيد، ثم يطلب منها حقوقه آخر النهار، فيقول صلى الله عليه وسلم: (لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها آخر اليوم).
وقد سأل أحد الصحابة وهو معاوية بن حيدة قال، قلت: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: (أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت) وقوله (لا تقبح) أي لا تقل قبحك الله؛ وهذا عنف لفظي قد نهى عنه فما بالك بالعنف الجسدي، ولهذا أكد عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع على ذلك بقوله: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله...) ويبدو لنا جليا مما تقدم، أنه ما من شريعة سماوية أو وضعية كرمت المرأة ومنعت عنها الظلم والعنف مثلما فعلت شريعة الإسلام، وأن ما يقع في البلاد الإسلامية من عنف ضد المرأة ما هو إلا نتاج تقاليد بالية أو فهم واستغلال خاطئ لمبادئ سامية لهذا الدين، شرعت في الأصل للحفاظ على الرابطة الزوجية، فاستغلها بعض الجهلة من أجل تحقيق نزواتهم استجابة لعقدهم النفسية، وما هو إلا نتاج للبعد عن المنهج السوي الذي شرعه الله في التعامل بين الجنسين المبني على (المودة والرحمة)، فحل محله منطق القوة بدل قوة المنطق.
في نظر الاسلام هذه الظاهرة هي اسلوب خاطيء وغير مقبول ومنهي عنه، علينا أن نتجنب أي غلظة او شدة في اي قول او عمل وإن لم تؤد الى الاساءة، وحتى ان لم يشعر به من وجه اليه ذلك بأي نوع من الأذية، حتى تترشح قيم المودة والاحسان والرفق في المجتمع وهو ما يدعو اليه الاسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق