11‏/08‏/2012

هوس التشجيع في دهوك بين فريقي الريال وبرشلونة يوصل البعض إلى المستشفى

عماد ابراهيم - دهوك




الرياضة؛ حب وطاعة واحترام؛ هكذا تعلمنا منذ أن كنا صغاراً، ولكن اليوم أصبح التشجيع  مرضاً يعاني منه الكثير حول العالم، فهذا يتعصب لفريقه، وذاك يسب ويقذف مشجعي الفريق المنافس، وآخر يخاصم صديقه وأخاه بسبب الاختلاف في تشجيع الفرق المتنافسة، وغير ذلك من انواع الهوس.


ولكن أن يصل الأمر إلى دخول البعض ردهات الطوارئ في المستشفيات بسبب التشجيع (وهذا ما أفادنا به مصدر صحي في مستشفى الطوارئ في مدينة دهوك، وطلب عدم ذكر اسمه)  فهذا أمر يستحق الوقوف عنده وتسليط الضوء عليه.
 فبعد أن خرج فريقا (ريال مدريد) و (برشلونة) من المنافسات على كأس أندية أوربا أبطال الدوري، وبعد أن حصل ريال مدريد على كأس اسبانيا، ظهرت هناك في مدينة دهوك حالات سلبية من قبل مشجعي الفريقين على حدٍ سواء.
لهذا قمت باستطلاع آراء شريحة عشوائية من المواطنين في مدينة دهوك لعلي أساهم في التثقيف نحو تشجيع مثالي و(بروح رياضية).
بدايةً تشجيع الفرق الأجنبية سواء كان من الفرق الإسبانية أو الإنكليزية أو البرازيلية أو الأرجنتينية أو غيرها كل ذلك من الأمور الطبيعية، شرط أن يكون ضمن حدود المعقول وأن لا يخرج عن حدود الحب للرياضة، والرياضة فقط.
دخلت سوق مدينة دهوك لأسال الناس عن رأيهم بهذا الموضوع، فالتقيت بداية بالسيد (أحمد) وهو صاحب محل لبيع الملابس الرياضية، سألته: 
الحوارـ كيف ترى مشجعي الفريقين في دهوك؟ وأيهما أكبر؟.
-في البداية أريد القول بأن مشجعي الريال وبرشلونة يشكلون نسبا متقاربة إلى حدٍ كبير، ورأيي هذا مبني على زبائن المحل حيث أن مشجعي كلا الفريقين يرتادون محلي لشراء فانيلات لاعبيهم المحبوبين لديهم، فالمئات يشجعون ميسي ومثلهم يشجعون رونالدو، وذاك يشجع شافي، وآخر يحب عبد الكريم بن زيمة. وهكذا ترى المشجعين من كلا الجانبين يتبادلون الحديث المليء بكلمات التحدي أمامي وفي محلي وكذلك في المقاهي التي تعنى بنقل المباريات وخاصة الكلاسيكو بين الريال وبرشلونة.
الحوارـ ما رأيك بمسألة العنف التي ترافق عملية التشجيع الى درجة وصول اصابات للمستشفيات كما علمنا من مصادرنا المطلعة؟.
-للأسف، هذا الأمر حقيقي، فبعض المشجعين لا يتحلون  بأخلاق التشجيع المتعارف عليها، لذا ترى المشاكل تتراكم وتتفاقم بين الشباب الرياضي في المدينة ما يؤدي إلى وصول الأمر في بعض الأحيان إلى استعمال العنف بالأيدي والتشابك بين كلا الجانبين، وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا؛ ومع أنه أمر مرفوض لكنه ليس محصورا في دهوك فقط، بل في بعض الدول تحدث أعمال عنف تودي بأرواح البعض من المشجعين، وخير مثال ما حصل في مصر مؤخراً حيث قتل أكثر من 130 من مشجعي النادي الأهلي، لذا أنا لا أحبذ ربط العنف الرياضي بمدينة دهوك حصراً بل التطرق إليه كحالة سلبية عارضة وليست متجذرة.  
أما الشاب(مزكين)، فقال.
أنا رياضي، أمارس رياضة كرة القدم في الفرق الشعبية في المحافظة، وفي ذات الوقت أنا مشجع لنادي برشلونة منذ سنين، وأنا أدعو الشباب الرياضي في المحافظة خاصة والعراق عامة للتحلي بالروح الرياضية والأخلاق التي تربينا عليها في التشجيع، فالتشجيع ليس عيباً ولا مكروها، ولكن إذا وصل الأمر إلى استخدام العنف فيه، فهذا ما يرفضه العقل والأخلاق والدين معاً.
ومع هذا وذاك، بكل صراحة أقول: للفوز طعم قد يتهور البعض عنده، ولا أستطيع لومه لأنني قد أفعل مثل فعله في حال فوز فريقي الذي أشجعه في مباراة مصيرية.
أما السيد باور، وهو صاحب محل لبيع التجهيزات الرياضية، فقال.
هناك قاعدة عامة تعجني وأنا أرددها بشكل مستمر وهي (مازاد عن حدّه انقلب إلى ضده)، وهذا ينعكس على التشجيع الرياضي الذي أصبح اليوم حديث الشارع بسبب العنف الذي صار يرافقه، فعلى سبيل المثال قام مشجع أحد الفريقين(بعد أن فاز الفريق الذي يشجعه) بإيقاف سيارته أمام محل صديقه الذي يشجع الفريق المنافس وأطلق العنان لصوت منبه السيارة (وبكل استهتار) وفتح صوت المسجل في السيارة ونزل يرقص في الشارع أمام منافسه ما استفز ذاك الشاب الذي انهال ضرباً على شتى أنحاء جسد منافسه ما أوصله إلى مستشفى الطوارئ في حالة صحية صعبة.
ومن باب المفارقة المضحكة، أن الفريقين خسرا في بطولة أندية أوربا، فقام مشجعو الريال بتشجيع نادي شيلسي الذي فاز على برشلونة (ليس محبة بنادي شيلسي بل شماتةً بمشجعي برشلونة)، بالمقابل قام مشجعو نادي برشلونة بتشجيع نادي بايرن ميونخ ولبسوا فانيلاته في استعراض للشماتة بمشجعي الريال، وكل من الطرفين يعمل بالضد من الطرف الثاني.
وعلى سبيل المفارقة، دخلت أحد المحال التجارية للتبضع منها فوجدت صوراً كثيرة وكبيرة لنادي برشلونة، ما دعاني لفتح الحديث مع صاحب المحل، واسمه آزاد في الخامسة والعشرين من العمر.
الحوارـ منذ متى تشجع فريق برشلونة؟ وما رأيك به الآن بعد خسائره المتوالية على مستوى أندية اسبانيا وأندية القارة الأوربية؟.
منذ أن كنت صغيراً وأنا أشجع نادي برشلونة وأنا أجد فيه كل مقومات الفريق الناجح والمثالي
 وخير شاهد على ما أقول هو النتائج الجيدة التي حصل عليها الفريق على مدى سنوات، ولكن الذين لا يفهمون كرة القدم على حقيقتها يتخيلون الكرة فوزا فقط، وينسون (الحقيقة المرة) وهي أن الفوز أحياناً والخسارة أحيانأً أخرى هو حال الكرة على الدوام، ومع ذلك فأنا أتمنى الفوز لفريقي دائما، وهذا أمر مشروع للجميع.
 وأريد أن أقول لمشجعي الريال: بما أن الكرة مدورة والأرض كذلك مدورة فان الأيام تدور كذلك، مرة لنا ومرة علينا.
مفارقات جميلة:
 المفارقة الأولى:  طفلان يجوبان شوارع وأسواق مدينة دهوك وهما يبيعان بطاقات تعبئة الموبايل يرتديان فانيلات لنادي برشلونة والتي تحمل الرقم 10 الخاص بالنجم الأرجنتيني(ليونيل ميسي)، وحين سألتهما عن مدى تعلقهما بنادي برشلونة وميسي تحديداً قال كلاهما:
نحن نشجع نادي برشلونة (بلا حدود)، ومهما يكن فنحن معه، وبالرغم من خسارة اللقب فإن فوز (ميسي) بلقب هداف أوربا خير رد على الرياليين. 
أما المفارقة الثانية فإن النجمين ميسي ورونالدو كانت فانيلاتهما على أجساد طفلين يعملان صباغي أحذية يجلسان جنباً إلى جنب، فلماذا لا يجتمع المشجعون من كلا الفريقين حالهما كحال هذين الغلامين السعيدين بعملهما وبحياتهما.
المفارقة الثالثة، تتعلق بأربعة أشقاء يجمعهم منزل واحد، ولكن التشجيع الرياضي فرق بينهم، فاثنان منهما يشجعان الريال واثنان يشجعان برشلونة، ويحتدم الصراع بينهم وترتفع الأصوات عاليا أثناء المباريات التي يخوضها الفريقان، وخاصة إن كانت فيما بينهما(كلاسيكو).
المفارقة الرابعة، لي صديق مقرب، وهو بدوره له ولد في عمر الشباب، طلب هذا الفتى مني بريدي الألكتروني، والمفاجأة تكمن هنا، فحين فتحت بريدي وجدت رسالة من (مدريدي حتى الموت)، فعلى الفور قلت في نفسي، سلمك الله ياحبيبي، وفداك الريال وغيره.
وأخيرا: من منبر الحوار نريد أن نوجه رسالة للمسؤولين عن الرياضة والشباب في عموم مدن العراق بأن يستغلوا هذه الروح لدى الشباب وهذا الشغف بالكرة خير استغلال لإخراج الشباب من دوامة الإنجذاب باتجاه الغرب وكل ما يأتي من الغرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق