تعدد الزوجات، منذ خلق الرجل والمرأة، أصل في حياة الإنسان على الكوكب الأزرق، كما أراه وأنا أقرأ في كتب تاريخ الإنسان والحضارات. وهكذا أقر الإسلام ما هو أصل فطري في تكوين الإنسان (ذكرا وأنثى)، فشرّع تعدد الزوجات للرجل. ففي العصر الذي نزلت فيه الرسالة، لم يكن أبدا ثمة رجل واحد لامرأة واحدة، لذلك حين أقر التعدد لم يشكل تشريعه إشكالا في عرف المجتمع وحياته وقوانينه. واستمر هذا الحال إلى عصر ما سمي بعصر النهضة، الذي سبقه تهاوي الأمة الإسلامية في أحقاب مختلفة، تحت نير الاحتلالات المتنوعة، لتتبدل ثقافة الأمة وتصوراتها للحياة والكون والإنسان، عبر تراخٍ زمني، استغرق أحقابا زمنية متطاولة..
تعدد الزوجات هي واحدة من المفاهيم التي تغيرت في العقل الثقافي للأمة المسلمة، وتحولت إلى منكر من المنكرات التي تستوجب مراجعات فقهية، صدر بموجبها - ونزولا على هذا المتغير- توصيات وضوابط جعلت التعدد منضبطا بها، وذهبت الآراء إلى أن الأصل في الأمر هو عدم التعدد، وجعله استثناءا يستوجب حصوله على مسببات، وبناء على كل ذلك تحولت فكرة الزوجة الثانية إلى مصيبة من مصائب القدر التي تحل بالأسرة، والتي تستوجب الشفقة على من تحل بهم!!!.
لكن، كيف تحولت فكرة الزوجة الثانية إلى كارثة ومصيبة، تتحول فيها حياة الأسر إلى جحيم؟ كيف تحولت الواحدية إلى أصل تدافع عنه المرأة، على اعتبار أنه حق من حقوقها، إذا تجاوزه الرجل فهو مجرم!؟.
المشكلة أن الإعلام المعادي للدين، رسخ هذه الفكرة في قناعة المجتمع عموما، والمرأة خصوصا، فصار زوجها يمارس الزنى الألكتروني على الانترنت، فقط لأنها تمانع أن يتزوج عليها، على وفق سنة الدين، وسنة الخلق والفطرة!.
وهو نوع جديد من الزنى، استوجب ظهوره تطور العصر، الذي باتت فيه الألكترونيات ركنا ركينا من الحياة، فتماهت الحدود بين الناس، واقتربت المسافات، حتى صار دخول الناس إلى بيوت بعضها البعض يتم بالصورة والصوت وبأبعاد ثلاثية، عبر نافذة صغيرة للكومبيوتر، أو الهاتف المحمول.
من هنا استجدت ظاهرة العلاقات الألكترونية عبر العالم المفتوح، الذي توفره التقنية الحديثة، مدعومة بالانترنت، ومن بعضها العلاقات العاطفية، وقصصها عصية على الحصر والوصف، نظرا لكثرتها، وتعقدها، وتشعب فصولها، ومنها جاء ما أسميه بـ (الزنى الألكتروني).
أما تلك التي يملك زوجها فرصة للسفر والزواج السياحي، والوقتي، والمسيار، أو الزنا، فعليها أن تستعد لهول الأيدز، أو الزهري، أو ما شاء الله من الأمراض الجنسية السارية... فأيهما أفضل ؟.
ما لا تدركه المرأة أن الرجل كائن قليل الوفاء، عكس المرأة.
فالرجل فطره الله تعالى على قلب قابل لتعدد الحبيبات، وقدرة جسدية قادرة على استيعاب أكثر من حاضنة جسدية، بل هو يملك روحا راغبة فطريا، بالتنوع، والتقلب بين أحضان النساء. لذلك؛ لم يعرف التاريخ البشري في ثقافاته المتنوعة رجلا واحدا لامرأة واحدة، بل التعدد أصل تاريخي، حتى جاءت الكاثوليكية، وفرضت ذلك فرضا عقائديا، فظهر ما يعرف في الغرب بنظام الـ (Boy Friend) والـ (Girlfriend)، وهو نظام يشبه الزواج، لكنه خارج المؤسسة الزوجية، يسمح لطرفي المعادلة بفض الاشتباك عند تغير المزاج النفسي، متجاوزة تعاليم الدين، التي بدأت تحصل على فصولها مراجعات من قبل كنائس عدة، سمعنا بعضها يجيز الطلاق، ويسمح للقسس بالزواج على غير العادة!.
وهنا، ومع حرمة تعدد الزوجات، عاشت المرأة مع تعدد العشيقات، وصار الأمر في محض التشريع العرفي، فأصبح مستساغا لها تعدد العشقاء، وهكذا حلت التعددية في المجتمع الغربي دون تشريع كاثوليكي، لكن خارج إطار الشرعية القانونية والدينية والاجتماعية !!!.
هذا الأمر ولد مشكلة الأطفال اللقطاء في الغرب! إلى درجة أن جهات بحثية أطلقت ناقوس الخطر في أمريكا عام 2005 معتبرة أنها ستتحول إلى بلد اللقطاء! فقد بلغت نسبة الأطفال غير الشرعيين، الذين يأتون للدنيا بسبب الزنا، ويتركهم ذووهم على قوارع الطرق، عام 2005، حوالي 1.52 مليون طفل، بزيادة قدرها 4% عن عام 2004، وهي نسبة حوالي 38% من المواليد في أمريكا عام 2005!!!.
ومع اشتداد عوامل، الفقر، والبطالة، والحروب، والهجرة، والفتن الداخلية، في مجتمعاتنا الإسلامية، في مقابل انفتاح إعلامي بلا حدود، مادته الأساسية المرأة سلعة جسدية، تباع وتشترى، وتسوق في الإعلانات والمسلسلات، وعالم مفتوح على الصورة والكلمة، أدت بمجملها إلى ظهور ظاهرة العنوسة كغول يريد أن يلتهم المجتمعات المسلمة، وتسببت في تفشي الفواحش الجنسية، ما ظهر منا وما بطن.
في خضم هذا المشهد أتساءل: ألا يملك الإسلام - بمهنجيته التشريعية - حلولا لهذه المشاكل؟ أليس منها تعدد الزوجات؟ فلماذا لا نأخذ بهذه الحلول، ولو ثقافة وفهما فقط؟!
دعني أختلف معك أستاذ محمد.. أنت ترى أن تعدد الزوجات أصل في حياة البشرية، منذ القدم، وأن الإسلام قد بنى على هذا الأصل..وهذا ادعاء يحتاج إلى دليل.. ولكني على العكس أقول إن الأصل هو الأسرة الواحدة، والزوجة الواحدة، أما التعدد فتحكمه الحاجة، والأعراف، وشهوة السلطة والتملك .. وليس هناك في القرآن ما يشير إلى غير ذلك.. ولو كان التعدد أصلا، شرعيا وفطريا، لما كرهه الرسول صلى الله عليه وسلم لابنته (فاطمة)، يوم لمح (علي) إلى الزواج عليها !
ردحذف