10‏/07‏/2014

(بصراحة) من ثمار الإقصاء والتهميش


صلاح سعيد أمين
لم يقصر النظام البائد في قمع تطلعات الشعب العراقي ومكوناته المختلفة، ولم يقلق لحظة لخنق الآخر المختلف فكرياً وقومياً وإنسانياً، هذا النظام الذي كان يسيطر على مقدرات الشعب، ويتلاعب بمصير أبنائه ظلماً وجوراً، النظام الذي ادعى أنه يمتلك الملايين من الجنود المدربة، والجيش القوي المجهز "رابعاً" عالمياً.. لكننا أخيراً رأينا النقطة التي وصل إليها الأمر، ورأينا ربما ما لم يكن يتخيله أحد من قبل! والسؤال المطروح هنا هو: لماذا يكرر النظام المبني والمدعوم من قبل الأمريكان، ما فعله النظام البعثي، بوجه آخر؟ هل لم يخلف النظام المباد درساً، بما فعله أثناء حكمه الطويل في هذا البلد، للذين يجلسون على عرش السلطنة بعده ببغداد؟
إن السلطات والأنظمة الفاشية عندما تريد أن تفعل ما يدور في أذهانها، تمهد الطريق بالقانون وتغطي نفسها بالشرعية، وتشغل ماكنتها الإعلامية الضخمة لشيطنة الآخر وتقبيحه أمام الرأي العام، كي يسهل لها دحره وطحنه ومسحه من على خارطة الوجود!

   إن المحافظات المنتفضة الستة، وأهل السنة في العراق، والكورد، وحتى كثير من الإخوان المنصفين من الشيعة، لم يخفوا خوفهم من النهج الذي مارسه السيد المالكي أثناء حكمه لولايتين متتاليتين في أصعب الظروف التي تسلم فيها رئاسة الوزراء في العراق.. وباختصار فلقد فعل المالكي ما أدى إلى ما وصل إليه الأمر اليوم، فلم يقصر في تهميش وإقصاء أهل السنة في البلد، ولم يحل المشكلات العالقة مع إقليم كوردستان، بل لجأ إلى الحل الأمني، وارتكب مجازر كبيرة بحق المتظاهرين المسالمين المنكوبين في المحافظات المنتتفضة، وقطع ميزانية الإقليم ورواتب الموظفين في إقليم كوردستان، وهمش أيضاً من لم يتحالف معه من الشيعة الذين أيدوه أثناء توليه ولايته الأولى، وحتى الثانية، بجد وإخلاص، والنتيجة هي أنه جمع حوله أشخاصاً طامعين في السلطة، يقدمون مصالحهم الشخصية على كل شيء، وصاروا يرددون ما مفاده أن المالكي قائد لا يتكرر في العراق، ولا بديل عنه! وبهذا الشكل أصبح المالكي صنماً! وكلنا نعلم حجم كارثة ثقافة صنع الأصنام، في أي مجتمع.
   والدرس الوحيد الذي يجب أن يؤخذ من تجارب الأنظمة القمعية في المنطقة، والعالم عموماً، هو: الابتعاد عن التهميش والإقصاء، والإدراك التام بأن ليس بمقدور أحد، أياً كانت سلطته المادية والمعنوية، أن يهمش أحداً آخر غيره، بل ينبغي السير على طريق الوئام، والإقرار بحق الآخر المختلف... حفظ الله العراق وشعبه من كل شر ودنس، وأنعم عليه بكل الخير والبركة.

هناك تعليق واحد:

  1. عبدالله فاضل گه‌رمیانی12 يوليو 2014 في 11:07 م

    بارك الله فيك يا أستاذ صلاح.

    ردحذف