لقاء مع الدكتور هادي علي/ رئيس المجلس السياسي للاتحاد الإسلامي
الكوردستاني
الدكتور هادي علي |
• ما هو مفهوم السياسة لديكم؟ وكيف تمارسونها، ما هي آلياتها لديكم؟
- السياسة، في المفهوم العام لدينا، هي الاشتغال بالشأن العام، وإدارة المجتمع،
وتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
وآلياتها هي العمل السياسي، والمنافسة السياسية، من قبل الأحزاب السياسية، من
خلال المعارضة، أو المشاركة في السلطة، و ذلك في إطار العملية الديموقراطية، والمشاركة
الفعالة في الانتخابات العامة.
- السلطة السياسية، في أي مجتمع، ليست حكراً على فئة معينة، أو حزب بعينه..
بل هي ملك لجميع الشعب، ومن حق أي حزب سياسي أن يعمل من أجل الوصول إليها عن طريق الآليات
الديموقراطية، وعلى رأسها خوض الانتخابات العامة..
ونحن في (الاتحاد الإسلامي الكوردستاني) نعتبر الوصول إلى السلطة حقاً طبيعياً
وديموقراطياً لنا، لتنفيذ مشروعنا السياسي الإصلاحي، من خلال مؤسسات السلطة.
أما قبل الوصول إلى السلطة الفعلية، فنحن نعمل على الإصلاح التدريجي، والممنهج،
سواء في موقف المعارضة، أو المشاركة الجزئية في السلطة.
• ما هو مفهوم الإصلاح لديكم، وأنتم ترفعون شعار {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت}؟..
هل يعني الإصلاح عملية ترقيع وترميم مستمرة للحكم والسلطة؟.. هل تعيدون إنتاج مفهوم
الخوف من (الفتنة)، المشهور في التراث الإسلامي، أم إنكم تواجهون فساد السلطة الظالمة،
ولو باستعمال القوة والأخذ على اليد؟
- مفهوم
الإصلاح لدينا، كحزب إسلامي، مفهوم واسع، يشمل إصلاح الفرد والمجتمع والحكومة، بصورة
متوازنة، ومتكاملة، في نفس الوقت، والإصلاح السياسي الحقيقي يعتبر العمود الفقري لعملية
الإصلاح الشاملة التي نؤمن بها، ونتبناها، في (الاتحاد الإسلامي الكوردستاني)، وذلك
من خلال العملية الديموقراطية، ودون اللجوء إلى العنف واستخدام القوة.
و بناءاً على ذلك، فليس هناك أي خوف من إعادة إنتاج مفهوم (الفتنة) المشهور
في التراث والتاريخ الإسلامي.
• ما هو مفهوم المعارضة لديكم؟ هل تؤيدون المفهوم الغربي المعاصر لها؟ أم إن
الفكر الإسلامي السياسي، والغاية الإصلاحية للأحزاب الإسلامية، تفرض عليكم مفهوماً
مغايراً للمعارضة؟
- بالنسبة لمفهوم المعارضة، ليس هناك أي إشكال في الاستفادة من المفهوم الغربي
والمعاصر لها. خاصة فيما يخص الآليات التي تمارس بها عملية المعارضة، من خلال العمل
البرلماني والنيابي وغيرها..
و نحن في الاتحاد الإسلامي، كحزب سياسي ذو مرجعية إسلامية، بإمكاننا التنظير
لمفهوم المعارضة، بالاستناد إلى عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي هي من
أهم واجبات المجتمع المسلم، ومؤسساته، فيما يخص الشأن العام والسياسات التي تنتهجها
السلطة السياسية.. وليس هناك أي تعارض أو تناقص في هذا المجال..
• هل تعملون على تطبيق الشـريعة؟ كيف ستطبقون الشـريعة في إقليم كوردستان؟ هل
لكم رؤية واضحة في هذا المجال، أم هو موضوع مؤجل لديكم؟
- الشـريعة الإسلامية ليست كلها أحكاماً وقوانين عقوبات، حتى يكون تنفيذها من اختصاص مؤسسات
الدولة والسلطة السياسية..
والشريعة الإسلامية - في مفهومها العام - تمثل الدين الإسلامي كله؛ من عقائد
وعبادات وأحكام.. وتطبيقها، والالتزام بها، هي من اختصاص المسلمين عموماً، على مستوى
الفرد والمجتمع..
لذلك نرى أنه من الإجحاف بحق الشـريعة الإسلامية حصـر تطبيقها عن طريق الدولة
ومؤسسات الحكم.. ومفهوم تطبيق الشـريعة السائد لدى كثير من الإسلاميين، في الوقت الحاضر،
يحتاج إلى مراجعة وتصحيح.
وبناءاً على ذلك، نحن في (الاتحاد الإسلامي الكوردستاني) نرى أن من واجبنا الأساسي
العمل على تثبيت المبادئ العامة للشريعة الإسلامية في دستور البلاد، كمبادئ دستورية
ملزمة للجميع.. ثم بعد ذلك نعمل على أن تكون القوانين التي تصدر
من المؤسسة التشـريعية، منسجمة مع تلك المبادئ الدستورية، أو لا يكون هناك تعارض بينها
و بين تلك المبادئ، على الاقل. وهذه هي المهمة الأساسية لنا، كحزب سياسي ذو مرجعية
إسلامية، فيما يخص مسألة تطبيق الشريعة..
• هل لديكم
برنامج جاهز للتطبيق عند وصولكم للسلطة؟ وبعبارة أخرى: ما هو برنامجكم للحكم
فيما لو منحكم الشعب أصواته، وثقته؟
-
نعم، لدينا رؤية واضحة، وبرنامج
متكامل، ومشـروع في مجال الإصلاح السياسي الحقيقي في إقليم كوردستان، وقد قدمناه للحكومة،
والبرلمان، في أكثر من مناسبة، في السنوات القليلة الماضية..
وهذا
البرنامج يدور، بالأساس، حول إصلاح جذري وحقيقي في النظام السياسي والإداري السائد
في الإقليم، والعمل على جعله نظاماً مؤسساتياً محايداً، وإبعاده عن الهيمنة
الحزبية المقيتة والمتحكمة في الإقليم منذ أكثر من (25) عاماً.. هذه الحزبية
البغيضة، التي أصبحت بلاء ووبالاً على الشعب والمجتمع.. والتي تعتبر منشأ ومصدراً
للفساد المستشـري في مفاصل السلطة، ومؤسساتها، والذي أدى بدوره إلى الأزمة المالية
الحالية، التي أنهكت جسد الحكومة والشعب منذ أكثر من ثلاث سنوات..
وكذلك
يهدف مشروعنا السياسي إلى إيجاد سلطة القانون، والشفافية، وتحقيق العدالة في توزيع
الثروة العامة، وتنظيم حالة من التوازن بين مؤسسات الحكم، وصلاحيتها، بهدف الوصول
إلى بناء نظام حكم رشيد، وفق المعايير المتبعة في الدول المتقدمة، بما يحقق
العدالة والتنمية والرفاهية لكافة المواطنين، وجميع مناطق الإقليم.
•
الأحزاب الإسلامية، وعلى رأسها الاتحاد الإسلامي الكوردستاني، متهمة من قبل أبنائها
ومؤيديها بأنها قد انحازت إلى الميدان السياسي أكثر من اللازم، وأنها نسيت الوظيفة
الأساسية لها: وظيفة الإصلاح، والدعوة، وهداية الناس؟ ومن جانب آخر: فإن خصوم الاتحاد
الإسلامي يتهمونه بأنه حزب يمارس سياسة خاصة، وأنه أجدر به أن يتحول إلى جمعية إصلاحية،
ويمارس عمله في مجال منظمات المجتمع المدني؟ ما هو تفسيركم لهذه الرؤية المتناقضة تجاهكم
من قبل الداخل والخارج؟
- الأحزاب الإسلامية التي تنتمي إلى مدرسة الإخوان المسلمين، بصورة مباشرة أو
غير مباشرة، تعمل على إحياء إسلامي شامل، أي إنها تجمع بين العمل الدعوي والتربوي،
الذي يهتم بالفرد والمجتمع، وبين العمل السياسي الذي يهتم بالشأن العام وممارسة السلطة..
والجمع بين الدعوة والسياسة بصورة متوازنة ومتكاملة، أمر غير ممكن في كثير من
الأحيان. وهذه هي إحدى الإشكاليات الأساسية التي تعاني منها الأحزاب الإسلامية، بصورة
عامة.
و(الاتحاد الإسلامي الكوردستاني) كان - في الأصل - جماعة دعوية وتربوية، ثم
تطور إلى حزب سياسي، يمارس السياسة من أوسع أبوابها.
والعمل السياسي، بطبيعته، خاصة في كثير من المجتمعات الإسلامية المعاصرة، والتي
تعاني من أزمات معقدة، فالعمل السياسي يشغل بال الجميع، و يهيمن على المجالات الأخرى
بصورة عامة.
وبناءاً على ذلك، فإن تنظيم العلاقة بين الدعوة والسياسة، أصبحت إشكالية أساسية
للأحزاب الإسلامية بدون استثناء، وبضمنها (الاتحاد الإسلامي الكوردستاني).
و لمعالجة هذه الإشكالية، وإعطاء كل مجال حقه.. نرى أنه من الضـروري العمل على
ممارسة العمل الدعوي من خلال مؤسسات شبه مستقلة، أي مؤسسات غير حزبية، في إطار مؤسسات
المجتمع المدني والأهلي، وتحرير الحزب والعمل السياسي من قيود ومعوقات العمل الدعوي.
لأن الحزب السياسي هو الوسيلة الخاصة بالمنافسة السياسية، وممارسة السلطة، والجمع بين
الدعوة والسياسة من قبل حزب يمارس السياسة بصورة متوازنة، غير ممكن وغير ناجح.
• على مدى ما يقارب العقد من الزمان لم تنجح الأحزاب والحركات الإسلامية في
الوصول إلى السلطة، إلا بانقلاب عسكري في السودان، ولم تقدم لحد اليوم نموذجاً واضحاً
ولا ناجحاً لنوع المجتمع والسلطة التي تسعى إلى تأسيسها وتبنيها.. أين أخفقت الحركة
الإسلامية، وأين نجحت؟ وهل يكرر (الاتحاد الإسلامي الكوردستاني) هذه التجربة، ويعيد
إنتاجها من جديد؟
- صحيح أن الأحزاب والحركات الإسلامية
لم تنجح لحد الآن في الوصول إلى السلطة من
خلال العملية الديمقراطية، ولم تقدم نموذجاً ناجحاً في هذا المجال، خاصة في المنطقة
العربية.. غير أنه يمكن اعتبار تجربة الحزب الإسلامي الماليزي، وتجربة حزب العدالة
والتنمية التركي، تجربتان ناجحتان، وإسلاميتان، إلى حد ما، لأنهما جاءا من خلفية إسلامية.
غير أنهما حزبان سياسيان بامتياز، أي إنهما لا يمارسان الدعوة والعمل الديني، كما هو
حال الأحزاب والحركات الإسلامية في المنطقة العربية. باستثناء حزب العدالة والتنمية
المغربي، الذي نجح كذلك - إلى حد ما - لأنه يمارس السياسة فقط، من دون الاشتغال بالدعوة
والعمل الديني
..
وبناءاً على ذلك، صحيح أن الأحزاب والحركات الإسلامية لم تنجح في تقديم نموذج
حكم ناجح، أي إنها أخفقت في مجال السياسية والحكم، غير أن هذه الأحزاب والحركات نجحت
في مجال العمل الدعوي والتربوي والخيري، وإعادة الثقة بالإسلام كمنهج للحياة والإصلاح
بصورة عامة.
أما فيما يخص (الاتحاد الإسلامي الكوردستاني)، فعليه الاستفادة من جميع تلك
التجارب، وإن لا يعيد التجارب الفاشلة، بل عليه الاستفادة من التجارب الناجحة قدر الإمكان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق