01‏/05‏/2015

مرافئ// حلبجة .. الأنكى من المأساة!

د. يحيى عمر ريشاوي
المضحك المبكي في مأساة (حلبجة) أن الكثيرين من أخواننا العرب، وربما بعض الأجانب، حتى لحظة كتابة هذه الكلمات، يريدون إقناعك بأن الجيش العراقي (الباسل!)، وطائراته الحربية (الأمريكية- الروسية - الألمانية) الصنع، لا يتحملون أية مسؤولية عن مقتل خمسة آلاف مواطن كوردي! وأن هذه الطائرات كانت يوم (16/3/1988) فوق سماء (تل أبيب)! وربما يجاملك بعضهم، و يقول لك: أخي العزيز هناك شيء غامض في هذه القضية، وحتى نصل إلى الحقيقة ربما نحتاج إلى لجنة تحقيقية، أو شهود عيان محايدين، كي يزيلوا هذا الغبش، ويحددوا لنا من الجاني، ومن هو المجني عليه؟!
ولعل الأشد من المأساة نفسها، هو هذا الجهل المطبق، أو التجاهل، لدى البعض، بالجرائم المتعددة التي ارتكبها النظام البائد بحق الشعب الكوردي، خلال ربع قرن من حكمه البائس والدموي. البعض كرها
لآخرين، أو ربما ودا للنظام، يريد أن يجعل من هذا النظام، وشخص صدام، عنوانا للمقاومة، ورمزا للعروبة، والعنفوان! وهذا لعمري هو الطامة الكبرى، والسؤال (المحير – المزعج)، والذي لا تعرف كيف تبدأ بالإجابة عليه، أو حتى مجرد التفكير فيه!
مأساة (حلبجة) صفحة واحدة من مجلدات ضخمة لسيرة (القائد الضرورة!)، والتي سجلها وسطرها بدماء هذا الشعب المسكين، والمغلوب على أمره، ولا أحد يعرف من أين كان يأتي هذا (المجاهد!) بهذا الحقد والتعطش للدماء؟ وكيف كان يهيء الأجواء لكل هذه المغامرات الجنونية، وكل ذلك بجيش منهك، واقتصاد مدمر، وسياسة فاشلة إلى أبعد الحدود، حتى أوصل البلاد إلى هذه الحالة المأساوية، والتي ندفع ضريبتها نحن العراقيين، من دماء أبنائنا، وتدمير البلاد، وهلاك العباد !

والأنكى من كل ذلك، ما آلت إليه أوضاع العراقيين بعد محاكمة، ورحيل صدام، وقيادته البائسة، حين لم يتعظ الضحية من جرائم الجلاد، وصار يعيد سيناريو الظلم والقهر والاستبداد، بعناوين مختلفة، وبألوان شتى. وتشعر بالغرابة حين تسمع هنا وهناك، وربما حتى في قلب إقليم كوردستان، أماني، وربما مطالبات بعودة نمط الحكم الصدامي! وهذا لعمري ما يوصلك إلى حالة من اليأس إلى حد الجنون، ولا تجد حيلة غير أن تقول: حسبنا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله، وإنا إليه راجعون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق