02‏/11‏/2015

هل صحيح نحن خير أمّة أخرجت للناس؟

محمد واني
المفترض أن نكون خير أمّة أخرجت للناس، من خلال أمرنا بالمعروف، ونهينا عن المنكر، بحسب الآية القرآنية الكريمة: {كنتم خير أمّة أخرجت للناس}، ولكن هل نحن فعلاً خير أمّة أخرجت للناس، أم أننا تحولنا إلى شر الناس، وأسوئهم، وفي أسفل قائمتهم الحضارية؟
لا شك أن الآية صحيحة، ولكنها مشروطة بـ(الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)، بحسب تحليل بعض المفسرين، وهذا الشرط أساس لكل خير، وجامع لكل عمل صالح: من المشاركة في الثقافة العالمية، ومواكبة العلوم، والتكنلوجيا، المعاصرة، إلى الحثّ على التقارب والتكامل والتخالط مع الآخرين، بغضّ النظر عن جنسهم أو دينهم أو مبادئهم. لأنه لا يمكن أن تتم عملية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، بدون مشاركة فاعلة في المسيرة الإنسانية، وتحمّل المسؤولية بكامل تفاصيلها الدقيقة، لتخفيف
المعاناة عن المجتمع البشري، وحلّ قضاياه. لا أن تتفرج، وتقف في الخلف، تجترّ ماضيها، وتبحث في طيات التاريخ، ما يتعسها ويشقيها ويؤخرها عن الركب الحضاري..

لن يكون بمقدور أمّة، بهذه المواصفات السيئة، أن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، لأنها غائبة تماماً عن المشهد العالمي. وهذا الغياب أدى إلى ازدياد معاناة البشرية، وتفاقم مشاكلها أكثر، بينما برزت أمم أخرى، أخذت بالمبادرة، وتطورت، واهتمّت بالعلوم، والمعرفة، التي هجرناها نحن، واهتمّت بحاضرها أكثر من اهتمامها بماضيها، فسادت وقادت وأبدعت وابتكرت، ووصلت إلى قمة الرقيّ والحضارة، وأصبحت تمتلكنا، شكلاً وصورة، وتقودنا إلى حيث تريد، وكيفما تريد: هي تنتج، ونحن نستهلك. هي تخطط، وتشرّع، ونحن نطبق وننفذ. هي تزرع، ونحن نأكل. وفرّت لنا كل شيء، حتى قبل أن نطلبه، حتى تحولنا إلى أمّة مترهلة، كسولة، تعيش لتأكل، وتتناسل، وتزيد أعدادها يوما بعد آخر، عالة على المجتمع البشري. هذه الأمّة - بمواصفاتها الحالية- لا يمكن أن تكون خير أمّة أخرجت للناس، ولا أن تكون هي التي عناها، وقصدها، رب العالمين، في آيته الآنفة الذكر أبداً!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق