02‏/11‏/2015

على ما تبقّى من قُبَّهان

عبدالكريم يحيى الزيباري
قُبَّهان مدرسة كوردية عريقة، بجوار مسجد الإمام يوسف، في وادي شقلفات، أو الروبار، أو السولاف، أسفل الجبل الذي تستقر فوقه مدينة (العمادية). بنيت في تاريخٍ مجهول، عَمَّرها السلطان (حسين ولي) (1534- 1570)، امتدحهُ كثيراً (شرف خان البدليسي) في (الشرفنامة). لم يبقَ من معالِمها غير القليل، وما تبقّى في طريقهِ إلى الزوال، بسبب الإهمال الشديد. (محمود المفتي)، في خريف 2011، وصلَ إلى الموقع، حيث مسقط رأسهِ، وتفاجأ بجرَّافة كبيرة تحاول جرف بقايا مسجد الإمام يوسف، بالكاد استطاع إيقاف الجرَّافة، واعتذرَ سائقها:
- الشخص الذي استأجرني، قال لي: نَظِّف هذا المكان، ووسِّعه، ثم تركني وغادر!
الساعة الرابعة عصراً وصلنا مشارف مدينة (العمادية)، كان الجوُّ غائماً، مع رذاذ خفيف. لدينا موعد مع الحاج (مصطفى آميدي)، من الوجبة الأخيرة التي تلقت دروسها في هذه المدرسة. سألناه عن آخر مدير للمدرسة: (محمد المفتي). اتَّصلَ بابنه الكبير، في قرية (همزيكي) القريبة. وجدنا لديه بعض الذكريات، والصور القديمة.
خزائن الكتب الدفينة
سؤالنا عن مصير الكتب، رحلةً انتهت في ضيافة السيد (محمود المفتي)، الابن الثاني للمفتي الأخير: ملا محمد -رحمه الله-. بحسب روايتهِ، كان العام الدراسي يبدأ في الأول من أيار، وينتهي في الأول من أيلول: (قبل بدء العام الدراسي، يبدأ والدي بتحميل الكتب من البيت إلى المكتبة، على البغال والحمير، يقودها الفلاحون المتبرعين لخدمة المدرسة، وطلبة العلم، في طابور قد يصل إلى عشرين دابة. وحال انتهاء العام الدراسي، يقوم والدي بإعادتها. في مرات كثيرة صحبته إلى (الموصل)، من أجل إعادة تجليد كتابٍ، أو كتابين، في (شارع النجفي). سفرة تستغرق أيَّاماً، بانتظار تجليد الكتب، والمخطوطات، أو نسخها).
عاصرَ المفتي الأخير: (ملا محمد بن الملا شكري)، أحداثاً جسيمة: احتلال، وثورات، وقلاقل، وفوضى، وَوَرثَ عن والدهِ علمه، وحرصه على المدرسة ومكتبتها ومخطوطاتها، وأشرف على نقلها ودفنها عِدَّة مرات. في الحرب العالمية الأولى كان الروس قد احتلوا مساحات شاسعة جنوبي تركيا، وطردوا الأكراد، ووعدوا الأرمن بإقامة دولتهم، ثم انسحبوا فجأة، تاركينهم تحت سطوة انتقام العثمانيين، وكورد المنطقة، ووقعت مذابح ومجازر مروِّعة، فتركوا أراضيهم، وتوغلوا في العراق. قدَّم الكولونيل (ليجمن)، الحاكم السياسي البريطاني للموصل، مشروعاً لتوطين (الآثوريين) في (العمادية)، لخّصه (ويلسون) بقوله: "إنَّ اقتراح (ليجمن) تضمّن إخراج الأكراد المسلمين، الذي ثاروا مرتين، وقتلوا الكابتن (ويلي)، واللفتنانت (ماكدونالد)، وإعطاء أراضيهم للآثوريين. لو طبقنا هذا الحل، لتهيّأت فرصة لإنصاف الطائفة الآثورية، ولتمّكنّا من حل مشكلة من أصعب مشكلات الأقليات الدينية في كوردستان"[1]. "في ليلة الرابع عشر من حزيران 1919 دخلوا البلدة، وتسوّروا الجدران العالية لبيت الحاكم السياسي، وقتلوا النقيب (ويلي)، وكان منصب معاون حاكم سياسي في (العمادية)، والمستر (ماكدونالد)، وجندي الاستحكامات (تروب)، وقدَّم (الشبَّانة)، الذين كانوا يتولون أمر الحراسة ثمناً لولائهم، إذ قتلوا جميعاً"[2]، كانوا أكثر من عشرين جنديَّاً هندياً. "فاحتشدَ لواء من الفرقة الثامنة، يقوده الجنرال (نايتينيغيل)، في (سواره توكه)، على بعد 25 ميلاً عن (العمادية). وسيق لواءٌ آخر إلى (زاخو)، بقيادة الجنرال (وولريج)... وفي غرّة آب، طوَّق الجنرال (نايتينيغيل)، قرية (برنورني)... ثمَّ حُوكِمَ عدد من الأغوات السياسيين، وتمَّ إعدامهم"، وأثناء هذه العمليات، تمَّ قصف (العمادية)، وهدِّمت منارتها التاريخية، واحترقت المكتبة، وقُتِلَ عددٌ كبير من أهالي المنطقة، أشهرهم: "(عمر قلابة)، وكان عمره مئة عام، جاء يجاهد بسيفه القديم"[3]. وقادا الثورة: (رشيد بك البرواري)، والحاج (شعبان آغا الآميدي). وبقيت (العمادية) تحت سيطرتهم لغاية السادس من آب. جاء (ليجمن) بنفسه، يوم 3 آب 1919، حاصر (بامرني)، وقصفها بالمدفعية، وقضى على المقاومين، ثمَّ اعتقلَ العلامة (الشيخ بهاء الدين النقشبندي)، وإخوته، ونسفَ داره، وقادهم مكبلين بالسلاسل إلى سجن (الموصل). وصدرت الأوامر بإلقاء القبض على (مفتي العمادية)، ثم صدر عنه قرار عفو، على ألا يعود إلى (العمادية)، ويسكن في (بامرني).
بعد انقلاب 14 تموز 1958، انسحبت السلطات الحكومية من المنطقة. بدأت مطاردة عناصر النظام الملكي. تركَ الطلبة في (مدرسة قُبَّهاد) مقاعد الدراسة، وأقفلوا عائدين إلى قراهم. ويروي السيد (محمود): "اجتهدَ والدي (ملا محمد المفتي)، في وضع الكتب والمخطوطات داخل أكياس. وبمساعدة الأصدقاء، وبعض الفلاحين، حفرَ في الأرض، ودفنها. وبقيت تحت الأرض، وظلت المدرسة مهجورة. في خريف 1961 اندلعت الحرب، واشتدَّ الحصار على المنطقة. استطاع (ملا محمد المفتي) بواسطة ابن خاله، وصديق طفولته: (خالد النقشبندي)، عضو مجلس السيادة آنذاك، أنْ يحصل على مقابلة شخصية مع الزعيم (عبدالكريم قاسم)، الذي أبدى اهتماماً شديداً بمسألة إنقاذ الكتب. ومن مكتبهِ اتَّصلَ بمطار الموصل، وأمرَ بأنْ تذهب طائرة عمودية إلى مدينة (العمادية)، لغرض استخراج الكتب الدفينة. كما أمرَ الزعيم بصرف ألف دينار عراقي، لترميم المدرسة، وإعادة الحياة إليها. عند بدء العمليات العسكرية، في أيلول 1961، حوصرت (قلعة العمادية)، وكان فيها عدد قليل من الضباط والجنود والشرطة، والموظفين المدنيين، وتمَّ غلق الطرق كافة، وحوصرت مدينة (العمادية)، وألقت الطائرات الحربية الإنكليزية (نوع فيوري) مناشير ورقية، تُحَذِّر الأهالي بوجوب مغادرة المدينة، لأنَّهم سيقصفونها في اليوم التالي، فخبَّأنا الكتب، وانتقلنا إلى (السولاف)، داخل (مدرسة قُبَّهان)، وكانت مكتظَّة بالعائلات. وبقينا هناك ليومين، تمَّ خلالهما قصف المدينة قصفاً أصاب منارة الجامع الكبير بأضرار، والكنيسة الأثريَّة، وكان فيهما عدد كبير من العائلات، والأطفال، الذي قتلوا جرَّاء القصف، ثم قامت طائرات عمودية بنقل عائلات الموظفين، ومن يرغب بترك المدينة إلى (الموصل). ركبَ (محمود بن الملا محمد المفتي)، وكان عمره آنذاك سِتَّة عشرَ عاماً، ومعه ابن عمهِ (خالد محمود شعبان المفتي)، وكان في السادسة والعشرين من عمره، في الطائرة العمودية التي أقلعت من (مطار الموصل)، وحطَّت في (ميدان العمادية)، التي كانت آنذاك تنقسم قسمين متساويين تقريباً من حيث المساحة: المدينة، والمقبرة. والميدان عبارة عن مقبرة كبيرة قريبة من (باب الموصل). وكانت المرة الثانية التي يركبان فيها طائرة. في الميدان، كان الحاكم (إبراهيم دزيي)، وجمهرة من الناس، بانتظار الطائرة، ثم ذهبوا جميعاً إلى بيتنا في (العمادية)، حيث كانت الكتب مخبَّأة في حفرة تمَّ ردمها خشية احتراق الدار، وأشارَ لهم (محمود) إلى مكان الكتب، فحفروا، واستخرجوا الكتب، ونقلوها إلى الطائرة التي عادت إلى (الموصل). هذا اليوم الحافل لم يغادر ذاكرة المدينة".
مراحل ومناهج الدراسة:
في تلك الفترة كانت المناهج والمراحل ثابتة، ومتفق عليها، منذ فترة طويلة. كانت الدراسة تتكون من ثلاث مراحل دراسية، بحسب الباحثين: (د. سعيد محمد أحمد)، و(حسين علي البرواري):
المرحلة الأولى: الكُتَّابي، القوتابي، المبتدئ. تبدأ بسن التمييز، السادسة أو السابعة. يدرس القرآن الكريم، ويتعلَّم الصلاة، والقراءة، والكتابة، بالحروف الهجائية الألفباء، والأبجدية أبجد هوَّز، والتدريب على الخط، والحساب. ولا تتجاوز ثلاث سنوات.
المرحلة الثانية: السوختة، المتوسط. يُسمَّى الطالب في هذه المرحلة: (السوختة). وتستغرق (8-12) سنة، بحسب قدرات الطالب. تبدأ، بعد إتقان قراءة القرآن الكريم، بدراسة مبادئ النحو والصرف: كتاب (البناء)، و(الأمثلة في الصرف)، و(المراح في علم الصرف)، (عوامل الجرجاني)، و(شرح المغني)، و(الأربعين النووية)، و(رياض الصالحين). ويقوم بتدريسه الطلبة الأقدم منه، في المرحلتين الثالثة والرابعة. وكان السوختة مُكلَّفاً بخدمة إخوانه، الطلبة الأسبق منه في الدرجة العلمية، بإحضار الطعام للوجبات الثلاث، وجمع الرواتب، إلى أنْ يصل في دراسته إلى (كتاب الجامي)، لـ(ملا عبدالرحمن الجامي الخراساني)، المتوفَّى 898 للهجرة، وهو شرح (الكافية) لـ(ابن الحاجب الدويني)، المتوفى سنة 646 للهجرة. كان الطالب يُعفى من الخدمة، إلا في الحالات الضرورية.
المرحلة الثالثة: الطالب، الفقيه، المُتعلِّق. وتستمر لسنتين، أو ثلاث، أو أكثر. حين يصل في الدراسة إلى كتاب شرح الرسالة الشمسية في القواعد المنطقية، وشرح العقائد في علم الكلام، يكون مؤهَّلاً للقب (مستعيد)، ويدرس علم البلاغة والاستعارة، ثم علم المنطق.
المرحلة الرابعة: المستعيد. تستغرق خمس سنوات تقريباً، تنتهي بحصوله على الإجازة من شيخه، في حفلٍ يحضره أعيان البلدة وشيوخها. دراسة كتاب (جمع الجوامع) لابن السبكي، وكانت المدرسة تفتخر بحيازتها نسخة بخط (ابن السبكي)، وتعدّ مرجعاً للكثير من العلماء، الذين كانوا يقطعون المسافات البعيدة للتأكد من مسألةٍ ما، وشرح تلخيص القزويني، الجامع للفروع الثلاثة: (المعاني والبيان والبديع). ويبقى مستعيداً إلى أنْ يأخذ الإجازة العلمية من أستاذهِ، حين يكون مؤهَّلاً لخدمة المسلمين، ببيان الحلام والحرام، ولا ينال الإجازة حتى يتقنَ اثني عشرَ علماً:(النحو، الصرف، البيان، البديع، المعاني، الأدب، المنطق، الكلام، الهيئة، أصول الفقه، التفسير، الحديث)، ولا يمنح الإجازة قبل أنْ يُمتحن من قبل لجنة علماء.
مفتي العمادية
وهو بالضرورة مدير لمدرسة قُبَّهان: الشيخ (عبيد الله أفندي الأول)، توفيَّ 1827. ابنه: (ملا أسعد)، توفيَّ سنة 1840. ابنه: (ملا عبيد الله أفندي) الثاني، توفيَّ سنة 1892. ابنه: (ملا شكري)، توفيَّ سنة 1938. ابنه: (ملا محمد)، توفيَّ سنة 1976، وهو المفتي الأخير، وآخر مدير لمدرسة قُبَّهان.
كان تعيين المفتي، ومدير المدرسة، بـ(فرمان) يصدر عن الباب العالي. عام 1824 صدرَ فرمان الباب العالي، بتعيين (ملا أسعد) مفتياً للعمادية، والمؤرّخ 1239 للهجرة. التقينا بـ(أحمد)، أكبرُ أبناء المفتي الأخير: رجلٌ طاعنٌ في السن، يعيش مع زوجته في قرية (همزيكي). (أحمد ملا محمد ملا شكري ملا عبيد الله المفتي)، مواليد 1934، ينقل حكاية هذه الصورة عن والدهِ (ملا محمد المفتي)(1913- 1974): "عام 1937، أيْ قبل عام واحد من وفاة (ملا شكري المفتي)، مدير مدرسة قُبَّهان، وصلَ مصوِّرٌ شهير إلى مدينة (العمادية)، ومعه آلة التصوير، التقطت هذه الصورة في فناء المدرسة، مع (مكي بك الشربتي)، أول قائممقام للعمادية، الرجل النحيل الواقف قرب جدي: (ملا شكري)، مفتي العمادية. والجالس المنزوي يسار الصورة، هو: السيد (رؤوف حجي نوري)، مدير ناحية مركز العمادية". وكان آنذاك يوجد في مدينة العمادية، مدير ناحية مركز العمادية، بجوار قائممقام قضاء العمادية.
وأضاف السيد (أحمد): "هذه المدرسة يعود تاريخها إلى سبعمائة سنة تقريباً. وقد التحقَ بها آلاف الطلبة، من أهالي المنطقة، وغيرها، من الذين جابوا الآفاق، لتحصيل علوم القرآن والتفسير والحديث والفقه، ويعودون إلى قراهم وبلدانهم، بعد سنتين، أو أكثر، بحسب قابلية الطالب، ومعهم الإجازة العلمية، التي تؤهِّلهم للدعوة والإمامة والخطبة، وغير ذلك من المناصب".
 (مصطفى طه حامد آميدي)، مواليد 1942، أحد الطلبة الذين التحقوا بهذه المدرسة قبل ثورة 1958، لديه ذكريات: "كنَّا في الشتاء ندرس في المدرسة الابتدائية في مدينة العمادية، وفي الصيف أذهب مع أخوتي، وأبناء عمومتي، وجيراني، لنلتحقَ بصفوف مدرسة قبَّهان. وحين وقع الانقلاب العسكري (1958)، تزعزعَ الأمن في المنطقة، وانتشرت حالات السلب والنهب والاغتيالات، بسبب انسحاب السلطات المحلية. ولم نذهب إلى مدرسة قبَّهان بعد ذلك. وأذكر أنَّ آخر وجبة من طلبة العلم، كان عددهم عشرة تقريباً، وأذكر منهم: فق (عبدالله رش آفا)، وفق (أحمد رش آفا)، وفق (سعيد ريكاني)".
وعن تاريخ، وأسباب غلق المدرسة، يقول السيد (أحمد): "ظلّت المدرسة طوال قرون تستقبل طلبة العلم، وكان فيها سبع غرف، في جناحٍ خاص لمبيت الطلبة، مع مطبخ خاص بهم. في الطرف الآخر يقع بيتنا، بيت مدير المدرسة. وأذكر أنَّ والدي، وجدِّي - رحمهما الله- كانا يدوِّنان صرفيَّات المدرسة في دفاتر، يحتفظان بها، ولا زلت أمتلكُ بعضاً منها. كان الترك يدفعون اثنتي عشرةَ روبيَّة، شهريَّاً، لإدارة المدرسة، وهو مبلغ زهيد. ولكن أهالي المنطقة كانوا يتبرعون باستمرار، ويتحملون وجبات طعام طلبة العلم كافة، عن طيب خاطر. وحين جاء العهد الملكي، خصصوا للمدرسة ثلاثة دنانير شهريَّاً، ظلت كما هي إلى أنْ وقع الانقلاب العسكري، وانعدمَ الأمن، وانتشرت مفارز الشيوعيين في المنطقة، عاد طلبة العلم إلى قراهم. وبحسب ما تسعفني ذاكرتي، لم تكن أعدادهم تتجاوز العشرة أنفار. وانتقلنا من المدرسة إلى القرية. ثمَّ اندلعت (ثورة أيلول)، وبقيت المدرسة على حالها، مهجورة، إلى اليوم".
ما لم يقله المفتي الأخير
(ملا محمد المفتي بن الملا شكري بن الملا عبيد بن الملا أسعد)، وكلٌّ منهم اشتغلَ مفتياً للعمادية، ومديراً لمدرسة قُبَّهان. وحين عاين (ملا محمد المفتي) اقتراب المَنيَّة 20/10/1976، أوصى أبناءه بأنْ يدفنوه قرب (الإمام يوسف). وحكى لهم أنَّ المدرسة في أصلها كانت مسجداً لرجلٍ صالحٍ، وفدَ إلى المنطقة، وكانوا يسمونه (الإمام يوسف). وهناك روايات كثيرة تقول بأنَّهُ أحد أحفاد (محمد الباقر). وأنَّ المسجد كان موجوداً حتى الأيام الأخيرة، بجوار المدرسة. وأنَّ قبر (الإمام يوسف)، بين شجرة التوت البري العملاقة - التي قاس عمرها البروفيسور (مسعود مصطفى الكتاني)، فقدَّره (283)[4]، ولا زالت في مكانها- وشجرة الرمان، التي لم يبق لها أثر منذ سنوات طويلة. ويروي (ملا شكري المفتي)، أنَّهُ أحبطَ محاولتي سرقة، وقعتا في عهده، لسرقة جثمان (الإمام يوسف) في عهده. استطاع، في الأولى، بعض الطلبة القادمين من (قم)، من نبش القبر، وسرقة الجثة ليلاً، وساروا به مسافةً طويلة، إلا أنَّ بقية الطلبة، وأهالي المنطقة، لحقوا بهم، واستعادوا الجثة إلى مكانها. واضطرَّ المفتي إلى تسوية القبر بالأرض، وإضاعة معالمه، لئلا يُنبش ويسرق ثانيةً. وظلَّت المدرسة العلمية في (قم) ترسل، سنوياً، مبالغ رمزية، دعماً لطلبة العلم في المدرسة.
وتركَ المفتي الأخير ورقة بخطِّ يده، كتبَ فيها تاريخ المدرسة، الذي استخلصه من كتبها الموقوفة عليها: (أنَّ الذي بناها السلطان حسين بن حسن بك العباسي المتوفى سنة 981 للهجرة). وذكر النفقات التي تصرفها الدولة العثمانية، ومن بعدهم الإنكليز، للتدريس والإطعام.
التسمية الغامضة:
قُبَّهان: ربما نستدلُّ من الضَّمَّة على حرف القاف، على ترجيح التسمية اقتداءً بـ(مسجدِ قُبَاء)، أول مسجدٍ أُسِّسَ في الإسلام، ولم يُصَلِّ المسلمون جماعة قبله، وخَطّهُ الرسول (صلى الله عليه وسلّم) بنفسه، حالما وصل (المدينة)، مهاجِراً من (مكة). وبالنسبة لتحريف الاسم، فالمجتمع الكردي توارث تنزيه أسماء الصحابة، وآل البيت، فيكّنون محمد (حمه)، وخديجة (خجي)، وفاطمة (فاطي)، وعلي (علو)، وزبير (زبي). وتُحال التسمية إلى كثرة قِبابها. والقِباب كانت ميزة ذلك العصر للتكايا والخانات والقبور والبيوت. وتنسبُ التسمية أيضاً إلى (قباد بك)، ابن الوالي الذي عمَّره، لأنَّ تسمية المساجد بأسماء الولاة، لم تنتشر في المنطقة إلا في العهود المتأخِّرة.
الفن المعماري الإسلامي في مدرسة قبهان
تمتاز العمارة الإسلامية بوظيفة عمليَّة، ولكلِّ عصرٍ وظائف تتناسب مع توجُّهاته وإمكانياتهِ. وامتازت بوحدة الشكل: بناء يتوسطه فناء، مُحاط بأواوين وحجرات مُسَقَّفة بِقِباب على حَنايا ركنية، وممر أو شرفات مفتوحة على الباحة، التي يوجد في وسطها بركة ماء. هذا الشكل تراه مستخدماً في القصور، والمساجد، والمدارس، والحمامات. وحين جاء العثمانيون، أدخلوا إلى العِمارة الطراز البيزنطي، والأعمدة العملاقة، والقُبَّة المركزية، المُحاطة بعدد من القِباب.
مدرسة قُبَّهان بناء مستطيل بطول (75) متراً، وعرض(30) متراً. يتوسَّطها صحن، تحيطه الأجنحة والحجرات، في طابقين وخمسة أجنحة. الطابق الثاني كان مُخصَّصاً للإدارة، وفيه غرفتان للمدرسين، وجناح خاص للمطبخ والحمَّام، وجناح المكتبة. والطابق الأرضي خمس قاعات للدراسة، على كلِّ قاعةٍ قُبَّة. ذكرَ (داود الجلبـي): "مدرسة قبهان أسسها السلطان (حسين)، وكانت وفاته سنة (881هـ). درسَ فيها علماء، توارثوا التدريس أباً عن جد، نشأ منهم شيخ الإسلام (أبو السعود العمادي) الشهير. والآن يُدرِّس فيها مفتي العمادية (شكري أفندي)، يقرأ عليه نحو عشرة طلاب. ولهذه المدرسة مكتبة، فيها نحو الألفي كتاب، أكثرها من وقف السلطان (حسين)، وعليها ختمه، وبينها كتب ثمينة جداً، منها كتاب (جمع الجوامع)، لـ(تاج الدين السبكي)، بخطِّهِ. والكتب الآن في دار المفتي (شكري أفندي).. والآن تدفع الحكومة للمدرّس 60 رُبيَّة، باسم طعامية الطلاب"[5]. ومعظم الكتب مختومة بنقش: (الواثق بملك الناس سلطان حسين بن حسن العباسي)، وبعض الكتب مُطرَّز بالذهب.

الطابق الثاني لم يبق منه إلا القليل فقط، في الزاوية الشمالية الغربية. جدران خارجية سميكة، مبنيّة من الحجارة الكبيرة، متنوعة الأحجام والأشكال. فناء المدرسة المفتوح لأشعة الشمس، تبلغ مساحته ستمائة متر تقريباً، ومن أطرافهِ تخرج سقوف غرفٍ، مبنيَّة بشكلٍ مسدّس، كخلية النحل. وتظهر رواسب الطِراز البيزنطي القديم في آثار المدرسة، من قواعد الأعمدة العملاقة، التي تركت ممددة، ومهملة، وسط الفناء. وبحسب بعض الخبراء، الأعمدة أقدم من زمن بناء المدرسة. ويرجِّح البروفيسور (كتَّاني) أنَّ "الأعمدة الكبيرة، وقواعدها، ورؤوسها العريضة، كانت لبناء روماني، قد يكون معبداً، أثناء سيطرتهم على المنطقة قبل الإسلام، وقد يكون رواقاً لمعبد قديم، ذي أعمدة، وتمَّ بناء المسجد على أنقاضه"[6].
هذا الطِراز الباذخ، انتقلَ إلى العالم الإسلامي بعد فتح (القسطنطينية)، في القرن الخامس عشر. هذا الفناء كان مِحراباً للصلاة، لوجود المكان المُجَوَّف، بشكل نصف أسطوانة، يحدُّها عمودان، داخل حائط المسجد، قُبالة باب الدخول، والمُخصَّص لوقوف الإمام للصلاة، وهو دائما في اتجاه القبلة. ويُحكى أنَّ هذا الفناء كان مغطّى بعدد من القِباب، وفق التخطيط البازيليكي لكنيسة (آيا صوفيا)، وهي قريبة من تخطيط التَّكايا في ذلك العصر. اهتمَّ سلاطين الإسلام ببناء المدارس، وصرف معاشات للأساتذة، والطلبة، بهدف توحيد العالم الإسلامي، وحمايته من انتشار الحركات الهدَّامة. هكذا كانت المدرسة مركزاً دينياً واجتماعياً وسياسياً.
أثناء زيارة فريق من علماء الآثار الجيك، يتكوّن من: (كارل نوفكا)، و(ميروسلاف نودك)، عام 2006، إلى (مدرسة قُبَّهان)، قاما بجسّ تجريبـي، لفحص أرضيات الموقع المتعاقبة، وتحليل العلاقة بين أجزاء المبنى كله، فضلاً عن تحليل الكسر الفخارية، ودراستها، وتصنيفها، وتحديد تاريخها التقريبـي، للتعرّف على الأجزاء التي أضيفت في الحقب التالية. وكشف عن مجرى مائي قديم، يصل إلى حوض حجري، مفروش بالحجر، وسط الباحة، ينساب الماء منه إلى أسفل النهر. وعثرا على قطع معدنية، مزخرفة بزخارف نباتية، وأخرى عليها حروف غير واضحة، ولم يتحدد تاريخها بعد. وفي المطار، أثناء تفتيشهما، عثرت أجهزة الأمن في (مطار أربيل)، على قطع معدنية، وفخارية، أثرية، تعود إلى (مدرسة قبهان)، تمَّ مصادرتها، وتسليمها إلى (المديرية العامة للآثار) في (أربيل).
المهندسان (علي البزَّاز)، و(دلوفان تيلي)، أجريا مسحاً توثيقياً للمدرسة، كشفَ أنَّ البناية كانت تتكون من جزأين: الأول مسجد، والثاني مدرسة، وأنَّ المهندس الذي بناها، هو عينه الذي بنى (جامع العمادية)، الذي بُنيَ سنة 537 للهجرة. وأحصيا عشرة أنواع من الجدران، يتراوح سمكها (55-50) سم، للعزل الحراري، وارتفاعات مختلفة (70- 245) سم، وثلاثة أنواع من النوافذ، بأحجام وارتفاعات مختلفة، وبابين: باب المدرسة الرئيس، بعرض 166 سم، وباب المسجد، بعرض 87 سم، وسلالم لولبية إلى الحجرات أو القبو، وسلالم إلى الطابق الثاني.
الطريق إلى المدرسة شديد الانحدار، والوعورة، إلى أسفل المدينة، في السولاف، أو الروبار. في الطريق توجد بقايا مطحنة قديمة، وعلى يمينها توجد شجرة جوز عتيقة، وعملاقة. هذا المكان قصده الآلاف من طلبة العلم، طوال قرون طويلة، واستمرَّ التدريس فيه مئات السنين، لغاية الانقلاب الجمهوري الأول (1958). لافتة (مديرية الآثار)، تذكر أنَّ السلطان (حسين ولي) قام بتعميرها سنة 1570 م. وكانت أول مدرسةٍ لتخريج وَرَثَة الأنبياء، بتدريس علوم القرآن، والفقه، واللغة العربية. بناها مَنْ عَلِمَ أنَّ الله لا يُضيِّعُ أجرَ مَنْ أحسن عملاً.

الهوامش:
[1]- عمار يوسف عبدالله، بريطانيا والآثوريون في العراق 1918- 1933، مجلة التربية والعلم، جامعة كركوك، المجلد 14، العدد 1 لسنة 2007. ص61. إبراهيم خليل أحمد، ولاية الموصل: دراسة في تطوراتها السياسية 1908- 1922، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة بغداد، 1975، ص481- 482.
2- أرنولد ويلسن، الثورة العراقية، ترجمة: جعفر الخياط، مطبعة دار الكتب، 1971، بيروت، ص213.
3- المصدر السابق، هامش المترجم ص215.
4- مسعود الكتاني، مدرسة قوبا قوبَّهان، مطبعة هوار، 2009، دهوك، ص64.
5- داود الجلبـي، مخطوطات الموصل: وفيه بحث عن مدارسها الدينية، ومدارس ملحقاتها، منشورات مطبعة الفرات، 1927، بغداد، ص253.
6- مسعود الكتاني، مدرسة قوبا قوبَّهان، مطبعة هوار، 2009، دهوك، ص33.

ملحق
(العمادية) تاريخ ضائع
بقلم: عبدالكريم يحيى الزيباري
لا زال الكثير لا يعرفون أنَّ (العمادية) مدينة تاريخية. في (تاريخ كامبردج للعصور القديمة): تأسست (روما) الأولى من قبل (رومولوس)، في 21 أبريل 753 قبل الميلاد. كانت مربّعة، ومحاطة بأوتاد، على تل البالاتينوم، ثمَّ أحاطها (سرفيوس تاليوس) بسور، ثمَّ أعاد الإمبراطور (أورليانوس) تسويرها بسور ثانٍ. هذا السور يستطيع زائر (روما) اليوم، الوقوف عليه، سليماً، لم يتضرَّر إلا من ثغرات قليلة. وأظهرت الحفريات بقايا (سور سرفيوس). يقول (فرويد) معلقا: "ذلكم هو نمط بقاء الماضي، واستمرارهِ، في ذلك الطراز من المدن التاريخية، التي تنتمي إليه روما"[7]. ما هو نَمطُ بقاء الماضي، في طِرازِ مدننا التاريخية، كالتي تنتمي إليهِ (العمادية)؟!
المؤرِّخ (عباس العزاوي) (1890- 1971) يقول: "نستغرب جداً أنْ يَتَكَلّمَ صاحب (المسالك)، ويوضِّح كثيراً عنها، ومثله في (الشرفنامة)، و(أوليا جلبـي)، فيبسطُ كلٌّ من هؤلاء القول فيها، ويغفلُ أبناء جيلنا أمرها، إغفالاً غير محمود، وهي ذات الماضي الجليل"[8].
من شُرفةِ التاريخ، تطلُّ (العمادية)، أعجوبةً من أعاجيب الزمان. المدينة الوحيدة في العالم تصغر ولا تكبر. غلبتها السياسة، والفتن، فضيَّعَت آثارها. قبل آلاف السنين، عاش في هذه المدينة قومٌ، اختاروا مواقع سكناهم بعناية تامة، وفقاً للقيمة العسكرية، والحماية، التي وفرتها الطبيعة ضد الغزاة. في النوائب، كان سكان القرى المجاورة يلجئون إليها. كان اسمُها: (آشب). ذكر (ابن الأثير)، في الجزء الرابع من كتابهِ (الكامل في التاريخ)، ضمن أحداث سنة 528 للهجرة، أنَّ (عماد الدين زنكي) اضطرَّ إلى هدمها، بعدما عانى منها، ثمَّ أعاد بناءها، لكن بدون سور، خوفاً من خروجها عن حكمه وسلطانهِ. وصار اسمها (العمادية). باب: "فسَارَ زنكي بعسكره، فنزل على أشب، وملكها... أهلها نزلوا كلهم إلى القتال، فتركهم زنكي، حتى قاربوه، واستجرّهم، حتى بعدوا عن القلعة، ثم عطف عليهم، فانهزموا... إن زنكي لما فتح قلعة أشب، وخرّبها، وبنى (قلعة العمادية)، ولم يبق في الهكارية إلا صاحب (جل صورا)، وصاحب (هرور)".
والمؤرخ الإنكليزي (لونكريك): "أمَّا (العمادية)، فقد صانها، موقعها الطبيعي، والدفاعي، وبعدها عن الطريق العظمى، من التدخل التركي. وكان بوسعِ (البك) فيها، عام 1660م، أنْ يجمع 8-10 آلاف من الخيَّالة، ومن الرجَّالة، قوة أعظم من أيَّة قوة يمكن أنْ تجمعها بلاد مجاورة"[9]. و"زادت أهمية (بهدينان)(=العمادية) في القرنين السادس والسابع عشر، إلى حد أنَّها اعتبرت وحدة سياسية قائمة بذاتها، لا ترتبط إلا مع (الباب العالي) مباشرةً... نشبت الحرب الأهلية، بعد وفاة أميرها (إسماعيل باشا الأول)، عام 1798، وتنازعَ ورثته على السلطة. صالحهم والي الموصل (محمد باشا الجليلي) على أنْ تكون (زاخو) لـ(قباد بك)، و(العمادية)، وما يليها، لـ(مرادخان باشا).. عام 1804 ثارَ (عادل باشا) ضد أخيه (مراد باشا)"[10]. يموت الحاكم، الذي انشغلَ بالسياسة عن تربية أبنائه، فيقتتل الأبناء، من بعدهِ، على السلطة، وتضيع البلاد، والعباد، مع استمرار الثورات، وتراكم الفتن، والأحقاد، والبحث عن الثأر. وابتعدَ ذلك اليوم الذي كانت فيه المدينة "واحدة من أشهر المدن الكوردية وسط كوردستان، واستناداً إلى (ريج)، 1820، و(ديفيد بث هيليل)، 1826، كانت (العمادية) تحوي مائتي أسرة يهودية، وألف أسرة مسلمة. ويبلغ تعداد سكانها ثمانية آلاف مسلم.. قام (مير محمد)، المعروف باسم (ميري كوره)، بمحاصرة المدينة.. وأعملَ السلب والنهب.. ونجحَ حتى عام 1836 في إخضاع غيرها من المدن، مثل: رانية، كويسنجق، أربيل، عقرة، زاخو، وتوغل بعيدا إلى (الجزيرة)، و(ماردين).. وفي عام 1836 ألقت السلطات التركية القبض على (مير محمد)، ونفذت فيه حكم الإعدام"[11].
أحصى الدكتور (نائل حنون)، استناداً إلى أضابير (دائرة الآثار العراقية)، 130 مسحاً آثارياً ميدانياً، في محافظة دهوك، في العهد الملكي(1949- 1954)[12]. ولم يذكر مسحاً ميدانياً واحداً في قضاء (العمادية)، الغنيِّ بالمواقع الأثرية، والذي يقع على خط (طريق الحرير) التاريخي. في اللوحة الآشورية رقم 110، في (المتحف البريطاني)، في (لندن)، ورد ذكرُ مدينة (آمات)، في عهد (شم آدد)، 823- 810 قبل الميلاد. ذكر (ياقوت الحموي)، بأنَّ الذي عمَّر المدينة: (عماد الدين الزنكي)، المتوفى سنة 537 للهجرة، وغلبَ عليها اسم (العمادية).
وفي عام 1995، سَجَّلت (دائرة آثار دهوك) 34 موقعاً أثرياً في (العمادية) وحدها، منها:
الباب الشرقي، ويُسمَّى باب الزيبار، تمَّ هدمه أثناء مد طريق السيارات إلى (العمادية)، سنة 1938.
الباب الغربي: ويسمَّى باب الموصل. لا زالت عليه صور أربعة أشخاص منحوتة، يُرجَّح أنَّها تمثل أربعة ملوك من العهد الفرثي (148 قبل الميلاد- 226 بعد الميلاد)، قاوموا غزو الإمبراطورية الرومانية. وذكرَ الرحَّالة أنَّهم كانوا يستغرقون (24) ساعة من (الموصل) إلى (العمادية).
منارة (جامع العمادية): ارتفاعها 30 متر، يرقى إليها من حوض المنارة، في درج من مائة ودرجتين، من قطع الحلان الأبيض.
دار الإمارة: في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة، مربعة الشكل، من طابقين، لم يبقَ منها سوى طابق واحد، عليه شِعار الإمارة، المكوَّن من طائر العنقاء، وتحت أرجلها حيّتان.
مقبرة الأمراء: تقع في الجهة الشرقية من المدينة، لم يبقَ فيها غير قبتين من الحلان: أحدهما ضريح السلطان (حسين ولي)، المتوفَّى سنة 981 للهجرة. ونُقِشَ على الضريح، المصنوع من الخشب، الآية الكريمة: {كلُّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه}. والقبَّة الثانية: ضريح (روشن خان بنت إسماعيل الأول) (توفيت 1202 للهجرة)، وَحُفِرَ على شاهد القبر من الداخل.
ومنها: قلعة آميديكا خراب، قلعة كري سور، آثار قرية خالانه، تل زيندان، قلعة نيروة، قلعة برادران، قلعة مير قشه، قلعة جوانان، قلعة بنيانش، قلعة جلكي، قلعة شخو، جسر كوجكا، منارة آميدي، كورا سيريجى، قلعة أرز، آثار قرية كفركى، جسر بلبل، قلعة جَلوك، مضيق جمانكى، الدير الأحمر، جامع العمادية الكبير، وغيرها.
ذكرَها (المقريزي): "الدير الأحمر: ويُعرف بـ(دير أبي بشاي)، وهو بحريّ الدير الأبيض، بينهما نحو ثلاث ساعات، وهو دير لطيف مبنيّ بالطوب الأحمر. وأبو بشاي هذا من الرهبان المعاصرين لـ(شنوده)، وهو تلميذه، وصار من تحت يده ثلاث آلاف راهب، وله دير آخر في (برّية شبهات)"[13].
وذكرها (القلقشندي): "ومنها (العمادية)، بكسر العين المهملة، وفتح الميم.. وهي قلعة عامرة، على ثلاث مراحل من (الموصل)، في الشرق والشمال. وهي على جبل من الصخر، وتحتها مياه جارية، وبساتين. وهي في جهة الشمال عن (إربل)، بناها (عماد الدين زنكي)، صاحب الموصل، فنسبت إليه. وبها حاكم، يكاتب عن الأبواب السلطانية، بديار المصرية"[14]. وذكرها (ياقوت الحموي)، في الجزء الرابع، باب العين والميم، من كتابه (معجم البلدان): "(العمادية) قلعة حصينة، مكينة، عظيمة، في شمالي الموصل، ومن أعمالها. عمّرها (عماد الدين زنكي بن آق سنقر)، في سنة 537. وكان قبلها حصنا للأكراد، فلكبره خرّبوه، فأعاده (زنكي)، وسماه باسمه، في نسبه إليه، وكان اسم الحصن الأول (آشب)، لكن بعض المؤرخين يقولون إنَّ (آشب) اسمٌ لـ(حصن آشاوا)، القريب من (العمادية)".
الهوامش:
1 سيغموند فرويد، قلق في الحضارة، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، ط4، 1996، بيروت، ص13.
2 عباس العزاوي، العمادية في مختلف العصور، تحقيق: حمدي السلفي، ورشيد فندي، وزارة الثقافة، 1998، أربيل، ص2.
3ستيفن هيملي لونكريك، أربعة قرون من تاريخ العراق، ترجمة: جعفر خيَّاط، دار الكشَّاف، 1949، بيروت، ص93.
4عماد عبدالسلام رؤوف، الموصل في العهد العثماني: فترة الحكم المحلي، مطبعة الآداب، 1975، النجف، ص161- 164.
5 مردخاي زاكن، يهود كردستان ورؤسائهم القبليون، ترجمة: سعاد محمد خضر، مؤسسة زين، 2011، السليمانية، ص137- 138.
6 د. نائل حنون، مدن قديمة ومواقع أثرية، دار الزمان، 2009، دمشق، ص229.
7 المقريزي، المواعظ والاعتبار، أديرة أدرنكة، ج3، ص292.
8 القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، تحقيق: د. يوسف علي طويل، دار الفكر، 1987، دمشق، ج4، باب الإقليم الأول: الجزيرة الفراتية، ص328.



بريطانيا والآثوريون في التربية  والعلم، جامعة كركوك، المجلد 14، العدد 1 لسنة 2007. ص61. إبراهيم خليل أحمد، ولاية الموصل: دراسة في تطوراتها السياسية 1908- 1922، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة بغداد، 1975، ص481- 482.
[2]- أرنولد ويلسن، الثورة العراقية، ترجمة: جعفر الخياط، مطبعة دار الكتب، 1971، بيروت، ص213.
3- المصدر السابق، هامش المترجم ص215.
[4]- مسعود الكتاني، مدرسة قوبا قوبَّهان، مطبعة هوار، 2009، دهوك، ص64.
[5]- داود الجلبـي، مخطوطات الموصل: وفيه بحث عن مدارسها الدينية، ومدارس ملحقاتها، منشورات مطبعة الفرات، 1927، بغداد، ص253.
[6]- مسعود الكتاني، مدرسة قوبا قوبَّهان، مطبعة هوا
[7] سيغموند فرويد، قلق في الحضارة، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، ط4، 1996، بيروت، ص13.
[8] عباس العزاوي، العمادية في مختلف العصور، تحقيق: حمدي السلفي، ورشيد فندي، وزارة الثقافة، 1998، أربيل، ص2.
[9] ستيفن هيملي لونكريك، أربعة قرون من تاريخ العراق، ترجمة: جعفر خيَّاط، دار الكشَّاف، 1949، بيروت، ص93.
[10] عماد عبدالسلام رؤوف، الموصل في العهد العثماني: فترة الحكم المحلي، مطبعة الآداب، 1975، النجف، ص161- 164.
[11] مردخاي زاكن، يهود كردستان ورؤسائهم القبليون، ترجمة: سعاد محمد خضر، مؤسسة زين، 2011، السليمانية، ص137- 138.

[13] المقريزي، المواعظ والاعتبار، أديرة أدرنكة، ج3، ص292.
[14] القلقشندي، صبح الأعشىق: د. يوسف علي طويل، دار الفكر، 1987، دمشق، ج4، باب الإقليم الأول: الجزيرة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق