صلاح سعيد أمين
الحكام الذين يجلسون على كراسي الحكم، في الشرق الأوسط،
يعتقدون أن الله خلقهم ليكونوا رؤساء مدى الحياة، وأنهم أفضل الناس على وجه
المعمورة، وأن أسرهم وعوائلهم من خيرة شرائح المجتمع.. وهذا الاعتقاد ينبع من
حقيقة مفادها أنه عندما تنتهي فترة ولايات حكمهم، وفق القوانين المستعملة في
بلدانهم، يلجأون إلى مبررات غير شرعية لتمديد حكمهم، وبقائهم في السلطة إلى أبد
الآبدين.. أو حينما لا يرغبون في البقاء في السلطة، أو لم تساعدهم حالتهم الصحية على ذلك، فإنهم
يلجأون إلى نقل سلطتهم إلى أبنائهم، حتى ولو كان ذلك على حساب الدستور، وخرقه،
وتعديل مواده، لصالح أغراضهم تلك.
ولسنا بحاجة إلى الإتيان بأمثلة على ذلك، فالأمثلة كثيرة
ومتعددة. ولسوء الحظ نرى أمثال أولئك الحكام
في كل زوايا المنطقة. والسؤال المطروح
هنا هو: ماذا يريد هؤلاء الحكام من شعوبهم، وأبناء بلدانهم؟
ببساطة، إنهم يريدون أن يقولوا ما قاله (فرعون) لشعبه: [أنا
ربكم الأعلى]! إنهم لا يدركون، أو لا يريدون أن يدركوا، أن الحياة اليوم تختلف عنها
في عهد (فرعون)، وأمثاله، وأن التغيرات الكبيرة التي حصلت في كافة جوانب الحياة،
تصب في مصلحة مراعاة حقوق الإنسان، وتصطدم مع
ما في نواياهم من الاستبداد، واستعباد الناس، وتركعيهم أمام أغراضهم
المريضة.
إنهم يعلمون جيداً أن أفكارهم واعتقاداتهم لبقائهم في
السلطة مدى الحياة، لا تضمن لهم ما يريدون، حتى ولو ساندتهم على ذلك جيوشهم،
المجهزة بأكثر المعدات المتطورة تكنولوجياً وعسكرياً، بل وبالعكس أصبح من
البديهيات أن مصيرهم لن يكن أحسن من أسلافهم.
صحيح، أن ما يفسح المجال أمام هؤلاء الحكام للبقاء في
السلطة طويلاً هو أن شعوبهم تقبل بما يفرضونه عليها من العبودية، ويرحبون
باستعبادهم من قبل الذين يرغبون أن يكونوا (أسياداً) إلى ما لا نهاية.
إن التاريخ يخبرنا أن ما يريد تحقيقه هؤلاء الحكام مجرد
أحلام لا غير.. لا أحد يستطيع أن يضمن بقاءه في السلطة إلى مدى غير محدود. والكلّ
يعلم ما هو مصير الذين يحاولون أن يفرضوا بقاءهم في السلطة مدى الحياة. الكلّ يعلم
ماذا حدث عندما اختارت الشعوب الصمت أمام محاولات الحكام لبقائهم في السلطة إلى
أبد الآبدين.. وعلى الشعوب أن لا تصنع الحكام الطامحين في السلطة بصمتها، وأيضاً
على الحكام أن لا يفكروا مجرد التفكير ببقائهم في السلطة إلى ما لا نهاية..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق