02‏/11‏/2015

مرافئ/ وما أدراك ما الـ(فيسبوك)؟!

د. يحيى عمر ريشاوي
حين أنشأ (مارك زوكربيرك)، وزملاؤه، موقع  التواصل الاجتماعي: (فيسبوك)، لم يكن بتصورهم أن تأثيرات اختراعهم هذا سوف يتجاوز علاقة (زملائية) واجتماعية ضيقة ومحدودة، إلى هذا التأثير الهائل على المجتمع البشري، إلى حد كتابة مئات رسائل الماجستير والدكتوراه حوله، وعقد عشرات المؤتمرات حول الـتأثيرات الإيجابية والسلبية للفيسبوك، ومواقع التواصل الاجتماعي بصورة عامة، إلى حدّ جرّ رؤساء العالم ورجال المال والفنانين والرياضيين وعلماء ورجال الدين إلى هذا العالم الحيوي والمهم.
بات من الصعب الآن تحديد عدد المشتركين في هذا الموقع بصورة دقيقة، حيث يضاف إلى قائمة المشتركين كل لحظة العشرات في كافة أنحاء العالم. وتشير إحدى الإحصاءات أن عدد المشتركين قد تجاوز
(1.250.000.000) مشترك، والعدد طبعاً في ازدياد مستمر. وبالنظر إلى اسم الموقع: (موقع التواصل الاجتماعي)، فإن تأثيراته قد تجاوزت المجال الاجتماعي، إلى المجال العلمي، والرياضي، والفني، والديني، والتثقيفي، والجنسي، وأكثرها تأثيراً – بالطبع- المجال السياسي، الذي يحتل حيّزاً واسعاً في هذا الموقع، على الأقل في منطقتنا هذه.
الحديث الآن بات متركّزاً، بصورة كبيرة، حول الجوانب السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي، كونها تسخدم في كثير من الأحيان كوسيلة للتجسس على الحياة الخاصة للمشتركين، وكذلك الإدمان الذي تحدثه هذه المواقع لمشتركيها، والحسابات  والصفحات غير المعروفة مصادرها، وأصحابها. وغيرها من الآثار السلبية، التي أحدثها هذا الإبداع الإنساني على المجتمعات البشرية.
التركيز على الجانب السلبـي لمواقع التواصل الاجتماعي، لا ينفي حقيقة التأثيرات الإيجابية التي أحدثتها مواقع التواصل الاجتماعي على واقع المجتمعات البشرية. ومن تلكم التأثيرات:
*التوسع الحاصل، والواسع، في مجال التعبير عن الذات، وطرح الآراء، بالمقارنة مع ما قبل (زمن مواقع التواصل الاجتماعي).
* سهولة التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، جعلها في متناول الجميع، من سياسي إلى مواطن عادي، من طفل إلى شيخ معمّر، من سيدة أمية إلى أستاذة جامعية. 
*صارت مواقع التواصل الاجتماعي جزءاً رئيسياً من عملية مراقبة السلطة، ومكوّناً مهمّاً من العملية الإعلامية، بصورة بات من الصعب الحديث عن مجال الإعلام، وتأثيراته، من دون التطرق إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
* من ميزات (الفسيبوك) كذلك، أنها وسيلة مهمة للتوثيق، وأرشفة النشاطات والذكريات اليومية، التي من الممكن الرجوع إليها في أيّ وقت.
* تقوم هذه المواقع – أحياناً- بوظيفة وكالات الأنباء ومحطات التلفزة والصحف، في نشر الأخبار في اللحظة ذاتها، بصورة غيّرت الكثير من أسس ومبادئ العمل الإعلامي في العالم.
* والميزة الأكبر لمواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة (الفيسبوك)، أنها مساحة جذّابة للتواصل مع الأصدقاء والأقارب. التقارب والتواصل الذي صعّبته، وتصعّبه، الحياة، في عصر التكنلوجيا وزمن السرعة.

وبالتأكيد، فإن المستقبل يحمل في طياته أشكالاً وأنماطاً أخرى، ومختلفة، من الإبداعات الإنسانية، التي من الممكن أن تجعل من الـ(فيسبوك)، وغيره، مفردات لمادة التاريخ، تدّرس في المدارس والجامعات والمراكز البحثية كخبر كان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق